الأربعاء 24 مايو 2023
سياسة

نحن وإفريقيا.. معركة الملوك الثلاثة

نحن وإفريقيا.. معركة الملوك الثلاثة منذ تولي الملك محمد السادس الحكم تم ترسيخ أقدام المغرب في القارة السمراء
1-
منذ‭ ‬تشكلت‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬كان‭ ‬الوعي‭ ‬بأن‭ ‬العمق‭ ‬الحيوي‭ ‬لبلادنا‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جذره‭ ‬الإفريقي‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مثيرا‭ ‬أن‭ ‬الامتدادات‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬بلادنا،‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬حالات‭ ‬توسعها،‭ ‬كانت‭ ‬تسير‭ ‬باتجاه‭ ‬الجنوب‭ ‬من‭ ‬جهتي‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كذلك‭ ‬كان‭ ‬النشوء‭ ‬الأول‭ ‬للامبراطورية‭ ‬المغربية‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬الأقصى‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬السنغال‭. ‬

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬حدثت‭ ‬التفاعلات‭ ‬التاريخية‭ ‬والجغرافية‭ ‬بموازاة‭ ‬المد‭ ‬الاستعماري‭ ‬لتجعلنا‭ ‬كما‭ ‬نحن‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭.‬ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬المغرب‭ ‬متشبثا‭ ‬بالجذر‭ ‬الأصلي‭ ‬ومنفتحا،‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬على‭ ‬هواء‭ ‬العالم‭ ‬شمالا‭ ‬وشرقا‭ ‬وغربا‭.‬
التشبث‭ ‬والانفتاح‭ ‬هما‭ ‬إحدى‭ ‬غايات‭ ‬وروافد‭ ‬عدد‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬"الوطن‭ ‬الآن"‭ ‬حيث‭ ‬نحتفي‭ ‬بالذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لتأسيس‭ ‬منظمة‭ ‬الوحدة‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أثرها‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬عمل‭ ‬منظومتنا‭ ‬القارية،‭ ‬وإرساء‭ ‬مكانتها‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬إسهام‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬باعتباره‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬القاري،‭ ‬وأحد‭ ‬رعاة‭ ‬مبادىء‭ ‬التأسيس،‭ ‬وأهدافه‭ ‬الخاصة‭ ‬باستكمال‭ ‬مسلسل‭ ‬الانعتاق‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬الاستعماري،‭ ‬وبتطوير‭ ‬نماء‭ ‬القارة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا،‭ ‬وحماية‭ ‬سيادتها‭... ‬ودعم‭ ‬مسار‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬ضدا‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬تقسيم‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬قطبين‭ ‬أفرزتهما‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية.  ‬
 
2-
لكن‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬التأسيس‭ ‬شهدت‭ ‬القارة،‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مخاضا‭ ‬واعدا‭ ‬كان‭ ‬المرحلة‭ ‬الممهدة‭ ‬لإنشاء‭ ‬المنظمة‭. ‬ولقد‭ ‬كان‭ ‬المغرب،‭ ‬الخارج‭ ‬لحظتها‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬الاستعمار،‭ ‬مساهما‭ ‬في‭ ‬المخاض‭ ‬بقوة‭ ‬الفعل‭ ‬والاقتراح‭ ‬أسوة‭ ‬بنظرائه‭ ‬الأفارقة‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يصوغوا‭ ‬كلمة‭ ‬إفريقية‭ ‬موحدة‭ ‬لزعماء‭ ‬إفريقيا‭. ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬المنعطف‭ ‬التاريخي‭ ‬الحاسم،‭ ‬تم‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الغانية‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1958‭ ‬كإحدى‭ ‬الصيغ‭ ‬الأولى‭ ‬لتوحيد‭ ‬كلمة‭ ‬الأفارقة‭. ‬بعدها‭ ‬بادر‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬بدعوة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الزعماء‭ ‬إلى‭ ‬حضور‭ ‬"مؤتمر‭ ‬أقطاب‭ ‬إفريقيا"‭ ‬بمدينة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1960‭. ‬ولقد‭ ‬تم‭ ‬الاجتماع‭ ‬فعلا‭ ‬بحضور‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬«مصر»‭ ‬وموديبو‭ ‬كيتا‭ ‬«مالي»‭ ‬وأحمد‭ ‬سيكوتوري‭ ‬«غينيا»‭ ‬وهيلا‭ ‬سيلاسي‭ ‬«إثيوبيا»‭  ‬وعبد‭ ‬القادر‭ ‬العلام‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬ليبيا،‭ ‬ثم‭ ‬فرحات‭ ‬عباس‭ ‬ممثلا‭ ‬للحكومة‭ ‬الجزائرية‭ ‬المؤقتة‭... ‬مثلما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭  ‬على‭ ‬تعزيز‭  ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬التي‭ ‬آلت،‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬ماي‭ ‬1963،‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬منظمة‭ ‬الوحدة‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬صار‭ ‬فيها‭ ‬المغرب‭ ‬عضوا‭ ‬مؤسسا‭ ‬وفاعلا‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬صار‭ ‬البعد‭ ‬الإفريقي‭ ‬معطى‭ ‬بنيويا‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬الجوار‭ ‬الإفريقي،‭ ‬ومع‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.  ‬وذلك‭ ‬تفاعلا‭ ‬مع‭ ‬الاعتبارات‭ ‬التي‭ ‬يوفرها‭ ‬الوضع‭ ‬الجيو‭ ‬ستراتيجي،‭   ‬وتجاوبا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬ثوابت‭ ‬روحية‭ ‬وثقافية‭ ‬وإنسانية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬الجهات‭ ‬الأربع‭ ‬للقارة‭ ‬لعل‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬وعي‭ ‬الملوك‭ ‬المغاربة‭ ‬بأن‭ ‬الجذور‭ ‬هي‭ ‬دائما‭ ‬الأجنحة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نحلق‭ ‬بها‭ ‬بعيدا‭.‬
 
3-
وبالتركيز‭ ‬على‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬وبالضبط‭ ‬منذ‭ ‬تولي‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬عرش‭ ‬المغرب،‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مياها‭ ‬وعواصف‭ ‬كثيرة‭ ‬جرت‭ ‬فوق‭ ‬جسور‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتحت‭ ‬سمائها‭. ‬
تغيرت‭ ‬الرهانات‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭. ‬وانكسر‭ ‬الحلم‭ ‬الإفريقي‭ ‬بعد‭ ‬السيادة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬لأنظمة‭ ‬الفرقة‭ ‬والتمزق‭ ‬الاثني‭ ‬والسياسي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينكسر‭ ‬الحلم‭ ‬المغربي‭ ‬بأن‭ ‬يرى‭ ‬إفريقيا‭ ‬ناهضة‭ ‬بوعي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النهوض‭ ‬القاري‭ ‬هو‭ ‬نهوض‭ ‬مغربي‭ ‬بامتياز‭.‬

ولقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الدرس‭ ‬هو‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬يوليوز‭ ‬1999،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لا‭ ‬تجعل‭ ‬الطموح‭ ‬الإفريقي‭ ‬متعارضا‭ ‬بالضرورة‭ ‬مع‭ ‬الطموح‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬المغرب‭ ‬دور‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬جر‭ ‬إفريقيا‭ ‬لتكون‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭.‬
 
‬هنا‭ ‬برزت‭ ‬عناصر‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمحمد‭ ‬السادس‭ ‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬والتوجهات‭ ‬والاختيارات‭ ‬المتقاطعة:
ـ‭  ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تثبيت‭ ‬العمق‭ ‬الإفريقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعميق‭ ‬الروابط‭ ‬الروحية‭ ‬والثقافية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تتقاسم‭ ‬معها‭ ‬المذهب‭ ‬المالكي‭ ‬والعقيدة‭ ‬الأشعرية‭ ‬والتصوف‭ ‬السني‭ ‬الجنيدي،‭ ‬بحيث‭ ‬توسع‭ ‬تأثير‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين،‭ ‬وتطور‭ ‬اشتغال‭ ‬الزوايا‭ ‬الدينية‭ ‬خاصة‭ ‬الزاويتين‭ ‬القادرية‭ ‬والتيجانية‭. ‬وصار‭ ‬المغرب‭ ‬نتيجة‭ ‬ذلك‭ ‬المرجع‭ ‬الروحي‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا،‭ ‬والقبلة‭ ‬التي‭ ‬يتوجه‭ ‬نحوها‭ ‬العلماء‭ ‬والأئمة‭ ‬والمرشدون‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬هذا‭ ‬الامتداد‭ ‬نحو‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ ‬أخرى‭ ‬نختلف‭ ‬معها‭ ‬مذهبيا،‭ ‬ونلتقي‭ ‬معها‭ ‬حول‭ ‬الأبعاد‭ ‬الروحية‭ ‬التي‭ ‬تضمنها‭ ‬باقي‭ ‬الديانات‭ ‬الأخرى‭. ‬ولقد‭ ‬تعزز‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬العام‭ ‬بإحداث‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعميق‭ ‬علاقاتنا‭ ‬مع‭ ‬إفريقيا‭ ‬ثقافيا‭ ‬وروحيا‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬إحداث‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعلماء‭ ‬الأفارقة‭ ‬ومعهد‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬لتكوين‭ ‬الأئمة‭ ‬والمرشدين‭ ‬والمرشدات‭ ‬بالرباط‭...‬

 
ـ‭ ‬الفكرة‭ ‬الثانية‭ ‬تروح‭ ‬تعضيد‭ ‬كل‭ ‬آليات‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭. ‬نذكر‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬شروع‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬العرش،‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بزيارات‭ ‬عديدة‭ ‬لبلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬نتجت‭ ‬عنها‭ ‬إقامة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشراكات‭ ‬التي‭ ‬تهدف،‭ ‬بصيغة‭ ‬تفاعلية،‭ ‬لتنمية‭ ‬محيطنا‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الإفريقي‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬عقد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬بقصد‭ ‬حماية‭ ‬الاستثمار‭ ‬ومعالجة‭  ‬الديون‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وابتكار‭ ‬أساليب‭ ‬وبرامج‭ ‬لدعم‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭... ‬تجاوزت‭ ‬1000 اتفاقية‭.‬
 
من‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬فكرة‭ ‬تحفيز‭ ‬أطرنا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ومشاريعنا‭ ‬الاستثمارية‭ ‬للخوض‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬القاعدة‭ ‬المشروعة‭ ‬«رابح‭ ‬رابح»،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬الأبناك‭ ‬والتأمينات‭ ‬والنقل‭ ‬الجوي،‭ ‬وما‭ ‬يهم‭ ‬دعم‭ ‬التكوين‭ ‬وتوفير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬والاتصالات‭ ‬وتطوير‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭. ‬ولأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬كانت‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تستفز‭ ‬أعداء‭ ‬إفريقيا‭ ‬فلقد‭ ‬استنفرت‭ ‬فرنسا،‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الساعي‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬تعميق‭ ‬السيادة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬إلى‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬تحرك‭ ‬المغرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وإلى‭ ‬افتعال‭ ‬الأزمات‭ ‬لثنيه‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المساعي‭.‬
 
 ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬الفكرة‭ ‬المغربية‭ ‬الثالثة‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬قطب‭ ‬إفريقي‭ ‬يقوده‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناهضة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ومحاربة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬وشبكات‭ ‬التهريب‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭. ‬ولقد‭ ‬اضطلع‭ ‬المغرب،‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬بدور‭ ‬ريادي‭ ‬بتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬مع‭ ‬الجار‭ ‬الشمالي‭ ‬بحيث‭ ‬تتواصل‭ ‬الاجتماعات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬ولقد‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬اجتماع‭ ‬المجموعة‭ ‬المشتركة‭ ‬الدائمة‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬الهجرة‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬6‭ ‬ماي‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تنفيذ‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز،‭ ‬إلى‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2022‭. ‬ ونذكر‭ ‬مدى‭ ‬صدقية‭ ‬وفعالية‭ ‬كل‭ ‬المجهودات‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مكان‭ ‬إقامة‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬عبور،‭ ‬وذلك‭ ‬بغرض‭ ‬تسوية‭ ‬أوضاع‭ ‬آلاف‭ ‬المهاجرين‭ ‬السريين‭ ‬الأفارقة،‭ ‬وضمان‭ ‬حسن‭ ‬استقبال‭ ‬ومعاملة‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬القارة،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬لاجئين‭ ‬أو‭ ‬ضحايا‭ ‬الحروب،‭ ‬أو‭ ‬عموم‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬أخرى،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يكلفه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مسؤوليات‭ ‬وتبعات‭ ‬مادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬يضطلع‭ ‬بها‭ ‬وفق‭ ‬مقاربة‭ ‬لهذا‭ ‬الملف‭ ‬ذات‭ ‬مستويات‭ ‬إنسانية‭ ‬واجتماعية
 
 ‬بموازاة‭ ‬ذلك،‭ ‬ظل‭ ‬المغرب‭ ‬دائما‭ ‬رافدا‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬حماية‭ ‬السلام،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬نماء‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬سوى‭ ‬بفكرة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قارتنا‭ ‬مكانا‭ ‬للتصالحات‭ ‬وتسوية‭ ‬النزاعات،‭ ‬وللتمثل‭ ‬الحقيقي‭ ‬لقيم‭ ‬التسامح‭ ‬ولإمكانيات‭ ‬العيش‭ ‬المشترك‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬فاعلا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬أسستها‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬المنتظم‭ ‬الإفريقي،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الكونغو‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬والصومال‭ ‬والكونغو‭ ‬الديموقراطية‭ ‬والكوت‭ ‬ديفوار‭... ‬ولقد‭ ‬تميز‭ ‬ذلك‭ ‬الحضور‭ ‬بنجاعة‭ ‬تدخلنا‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع،‭ ‬وتضحيات‭ ‬الجنود‭ ‬المغاربة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الجبهات‭.‬
هذه‭ ‬هي‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬المغربي‭ ‬الراهن،‭ ‬قارة‭ ‬نامية‭ ‬بطموح‭ ‬إنساني،‭ ‬وبنهوض‭ ‬اقتصادي،‭ ‬وبفكر‭ ‬استراتيجي‭ ‬يقوده‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بوعي‭ ‬أن‭ ‬نهضة‭ ‬إفريقيا‭ ‬هي‭ ‬نهضة‭ ‬المغرب،‭ ‬لكن‭ ‬كذلك‭ ‬هي‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مبادرات‭ ‬السلم‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬العالم.
                                         تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية " الوطن الآن