الخميس 25 مايو 2023
في الصميم

ما الفرق بين هتلر والرئيس الفرنسي ماكرون؟!

ما الفرق بين هتلر والرئيس الفرنسي ماكرون؟! عيد الرحيم أريري
هي ثلاث فظاعات تجعلني "أغسل يدي بالما والصابون" على فرنسا، وأضع رئيسها ماكرون في خانة النازيين والعنصريين أمثال هتلر.
وهي كبائر تجعلني على نقيض من يسوق لأنوار فرنسا ومن يخذر الناس بالنموذج الحقوقي الفرنسي:
 الزلة الأولى، أو لنقل الخطيئة الكبرى الأولى، تكمن في الفضيحة التي هزت الوسط الإعلامي والديبلوماسي الأوربي في مطلع أكتوبر 2022، لما قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منع ظهور فرحات مهني، “رئيس جمهورية القبايل” على نشرة الأخبار بقناة “CNEWS” التابعة لمجموعة “Bolloré” الدائرة في فلك الإيليزي.
تدخل الرئيس الفرنسي ماكرون في الخط التحريري للقناة ومنع زعيم سياسي معارض لعسكر الجزائر من المرور في البرنامج، أكده مدير قناة “CNEWS” يانيك بولوريه شخصيا، بناء على اتصال تلقاه من الرئيس الفرنسي. 
والعذر كان أقبح من الزلة: أي أن منع فرحات مهني، جاء استجابة لضغوطات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي "هدد من خلال إنذار سابق بإلغاء زيارة الوزيرة الأولى الفرنسية إليزابيث بورن للجزائر العاصمة في حال ما تم السماح ببث المقابلة مع فرحات مهني بالقناة الفرنسية" !
الخطيئة الثانية: تتمحور حول فضيحة "الغذاء السري" الذي جمع الرئيس ماكرون بحوالي عشرة مسؤولين بصحف فرنسية يوم 17 يناير 2023، ليملي عليهم ما يجب تمريره من خطاب لتطويق المد الشعبي الفرنسي الجارف ضد إصلاح نظام التقاعد. فإذا كانت الجلسات غير الرسمية  المعروفة في القاموس الإعلامي بعبارة ( off)، مسألة عادية بحكم أنها تسمح للصحفيين بتبادل الآراء مع هذا المسؤول أو ذاك، واستجلاء معطيات حول ظاهرة ما تشغل الرأي العام، فإن الأخلاق تقتضي أن الصحفي حر في اختيار الزاوية التي تناسب الخط التحريري لمؤسسته، مع الحرص على تبيان أن المعطى الوارد في المقال منسوب لجهة مسؤولة( دون تحديد الصفة والاسم والمصلحة). لكن ماقام به ماكرون في "الغذاء السري" ليوم 17 يناير 2023 تجاوز الحدود الأخلاقية، وحول ماكرون الصحفيين والصحف التي يمثلونها إلى ملحقة تابعة للإليزي تردد مثل الببغاوات ما يود ماكرون تمريره، لإطفاء تمرد الشارع الفرنسي ضد مشروعه لإصلاح التقاعد.وهو ما جعل بعض الصحفيين الفرنسيين( من قبيل Daniel schneiderman وزميله Edwy Planel) يتهكمون على الرئيس ماكرون وعلى من حضر معه في "الغذاء السري" ويرفضون  "صحافة الحكومة"!
ثالث فضيحة كبرى ارتكبها ماكرون: ترتبط بإقدام بوليس الاستعلامات الفرنسي على مراسلة المدارس التعليمية بفرنسا لموافاة المصالح الأمنية بأسماء التلاميذ ذوي الديانة الإسلامية الذين تغيبوا بمناسبة عيد الفطر (21 أبريل2023)، وهي الفضيحة التي جعلت الأوساط التعليمية والحقوقية تصف خطوة بوليس ماكرون بأنها "نازية جديدة"، على اعتبار أن هتلر كان يقوم بتصنيف المواطنين الألمان وفق عقيدتهم مع طبع رمز في ملابس اليهودي ليحذر الناس منه في الفضاء العام، وهو نفس الشيء الذي قامت به الاستعلامات الفرنسية التي تبنت عقيدة fichage  لتلاميذ فرنسيين، ذنبهم الوحيد أنهم يعتنقون الديانة الإسلامية في بلد تقر قوانينه بحريةالعقيدة ( هناك 6 ملايين فرنسي من ديانة إسلامية، أي 8% من سكان فرنسا).
والأفظع، أنه بعد الضجة التي فجرتها هذه الفضيحة، ادعت السلطات الأمنية الفرنسية أن المسألة لا ينبغي تحميلها أكثر مما تحتمل، وبأن مطالبة الإدارات التعليمية بلائحة التلاميذ المسلمين المتغيبين يوم عيد الفطر إنما يروم فقط حماية "توابث الدولة العلمانية" ! وكأن التلاميذ الفرنسيين ذوي الديانة اليهودية لما يتغيبون بمناسبة أعيادهم الدينية لا يمسون بتوابث الدولة العلمانية، أو أن التلاميذ الفرنسيين المسيحيين لما يتغيبون في أعياد الفصح وأعياد ميلاد المسيح وفي باقي الأعياد الدينية النصرانية لا يزعزعون توابث "الدولة العلمانية"!!
أبعد كل هذه الكبائر( وهناك نماذج أخرى لا يسمح المقام بسردها)، يحق لحزب ماما فرنسا بالمغرب أن يروج لقيمها، بل والتجرؤ على تسويق فرنسا كدولة راعية الحقوق، وكدولة تقدم "الوعظ والإرشاد في الحقوق" ؟!