mercredi 9 avril 2025
كتاب الرأي

الصديق معنينو: سوق للقراءة

الصديق معنينو: سوق للقراءة الصديق معنينو
قضيت ساعة ونصف في معرض الكتاب بهدف التوقيع على مؤلفاتي..... كنت سعيدا بهذه الزيارة بعد غياب عدة سنوات... في الجانب الأيسر من رواق الناشر أبي رقراق جلست أشاهد وأنتظر... لكن الأمور ستتطور بسرعة لأسعد بلقاءات لم أكن أنتظرها....

من الأندلس تقدمت مني سيدة تحمل كتابين أهدتني إياهما... قالت... «أنا مهتمة بمؤلفاتك وبما يحتضنه اليوتوب من تسجيلاتك .... شكرت الدكتورة سعيدة العلمي وانصب فضولي على الكتابين واكتشفت عبر الغلافين أنها مهتمة بأدب النساء.... الكتاب الأول بعنوان «أوراق الريحان ويتضمن قراءات في عدد من المؤلفات..... منها رحلة إلى الأندلس إبان حكم ملوك الطوائف وحكاية ولادة وزيدان والعشق الذي جمعهما حتى أن أسطورتهما نافست «روميو وجولييت..... . ثم حكاية المعتمد وعماد وحكمهما لاشبيلية وغرامهما الخرافي ونهايتهما الحزينة سجينين في أغمات....

في الكتاب قصص عن أمهات منها أم أمازيغية.. رمز الحنان والإخصاب امرأة صابرة صموتة محافظة ومتخلقة تعيش في مجتمع فقير ومنغلق ومع ذلك أنجبت أديبا وشاعرا وزيرا...». وهناك حكايات أخرى..... أما الكتاب الثاني فهو بعنوان : «نفحات أندلسية».

من البهاليل
زارتني فوزية من البهاليل حملت باقة ورد بياضها ملفت للنظر... ذكرتني بما جمع عائلتينا خلال عقود... والدتها أمية لكنها شاعرة بالسليقة والدها كان رئيس مكتب حزب الشورى والاستقلال بالبهاليل، هي صاحبة مبادرات جريئة عندما كانت مندوبة للمقاومة أخذنا صورة وافترقنا على أمل اللقاء....

مع الحفيدة
توقفت منى أمام الرواق ابتسمت كعادتها وقدمت لي ليلى بنت أخيها نزار... هي في العشرين من عمرها وسيمة وأنيقة... سعدت بحفيدة صديقي محمد العربي المساري.... وقعت لها على مؤلفي «المسيرة الخضراء» وجددت صداقتي مع جدها المرحوم وذكرت بما جمعنا من عمل مشترك... وقلت لها... «أنا وفي الصداقاتي والعربي المساري رمز لنظافة الفكر وسيظل خالدا في ذاكرتي».

المعاق
تقدمت مني سيدة على وجهها نوع من الدهشة سألتني أنت فلان قلت لها... «نعم» أخبرتني أنها سهرت معي ليلة الأمس حتى الساعات الأولى للصباح وأنها تابعت استجواباتي على «اليوتوب» وخاصة مع الرمضاني... عبرت عن رغبتها أن يأخذ ابنها المعاق صورة معي... وقفت بسرعة واحتضنت الطفل بكثير من الاهتمام. تأثرت حين رأيت عيون الأم تدمع.

الضرير
ابتسم صديقي طلحة وقال .. هؤلاء تلامذتي من فاس..... وأنا أتصفح وجوههم لم أنتبه إلى أن الشاب الوحيد في المجموعة كان ضريرا... فاجأني حين بدأ الحديث معي بعربية سليمة، هي مزيج من الزجل والفصحى... كان كلامه لا يتوقف كمدفع رشاش يعبر عن عواطفه وإعجابه... ضممته إلى صدري عندما اكتشفت إعاقته... رجاني أن نأخذ معا صورة تذكارية... وقفت إلى جانبه.... قال لي هامسا.. «أرجوك أن تضع يدك على كتفي ففعلت وتساءلت... ما معنى أن نأخذ صورة مع شخص لن يراها أبدا.. ؟!

من أزمور
من أزمور جاء صديقي الشيخ عبد المجيد بجلبابه الأبدي البياض يتحرك بواسطة عكازين... تذكرت حضوره عندما كنت بالجديدة في معرض للكتاب، كان حاضرا وملحاحا... هو شخص يتابع الأحداث السياسية والثقافية وله خزانة مليئة بالكتب والمجلات.... يتمتع بذاكرة قوية وشوق إلى المزيد من المعرفة... ورغم أنه يتوفر على المجموعة الكاملة لمؤلفاتي إلى أنه أصر على اقتناء الجزء الأول من مذكراتي كي أوقعه عربونا على صداقتنا.... فعلت ذلك بكل أريحية....

عبد الجبار لا أريد الإطالة فعدد الزوار كان كثيرا، اخترت نماذج قد تبدو غريبة ولكنها قريبة من قلبي..... سأضيف زيارة عبد الخالق، الصحافي الودود والسفير الهادئ... حضوره ذكرني بأيام زمان حين كنا نتبادل الأخبار والمعلومات حول قضية وحدتنا الترابية... زيارته ذكرتني بعبد الجبار السحيمي المؤسس لمدرسة صحافية نزيهة وملتزمة.... تذكرت السحيمي يوم كرمته مدينة فاس وكان من المنتظر حضور وزير الاتصال وعامل الإقليم ورئيس مجلس المدينة.... كنت إذاك في مهمة صحافية... اتصل بي عبد السلام الزروالي مندوب وزارة الاتصال وأخبرني بأن القوم اعتذروا راجيا مني أن أرأس الحفل، فوجئ عبد الجبار بحضوري واعتبر ذلك إشارة جديد لصداقة لم تنقطع....

الجهات
كان بودي أن أسترسل في الحديث عن زوار آخرين ولكني أريد القول في النهاية، بأن المعرض، رغم نقائصه يمكن اعتباره كسوق عام كما يتردد في ثقافتنا... هو مناسبة يلتقي فيه الناس، يُجددون العلاقات يفرحون بإنتاجهم يكرمون بعضهم البعض... لذلك أتمنى أن ينظم على المستوى الجهات وأن تكون فرصة للاحتفال بشعراء وأدباء ومثقفي الجهات وتوزيع الكتب على المدارس الثانويات... علينا أن نحمل الثقافة والقراءة وأن نضعها بين أيدي الناس قريبا من أماكن عملهم وسكناهم ومنتزهاتهم على الأمل في تحويل «سوق عام» إلى «سوق للقراءة».