ارتدادات الزلزال السياسي في سورية تتوالى..
من يتتبع الخطاب الإعلامي (في صيغه العربية والفرنسية) بكل من واشنطن، موسكو، الدوحة، الرياض، أنقرة، برلين وباريس، يكاد يخرج بخلاصة مثيرة أن الجميع كان على علم بما سيجري عدا فرنسا. فالإعلام الفرنسي يخبط خبط عشواء بشكل مثير للشفقة، كما لو أنه بدون بوصلة.
ما هو مؤكد، استنادا على منطوق الخطاب الإعلامي بين هذه العواصم، هو أن "للي كان سايق لخبار" (مطلع على السر العملياتي) ومشارك في السيناريو المنفذ بدمشق وسورية هم الثلاثي (تركيا، روسيا، إيران) وخمس عواصم عربية. وأن اللقاء الأخير في الدوحة مع تلك العواصم العربية (العراق، السعودية، مصر، الأردن، قطر) البارحة السبت، هو الذي نسجت فيه بدقة تفاصيل السيناريو الأخير لنظام بشار الأسد.
لهذا السبب نجد أن الخطاب الإعلامي في هذه البلدان الثمانية موحد ومتناغم لأول مرة حول تطورات الملف السوري بشكل مثير. وأنه أكثر من ذلك متناغم أيضا مع الخطاب الإعلامي الأمريكي والألماني.
ما الذي يعنيه ذلك؟
إنه يعني بداية التنفيذ العملي لخرائط جديدة بالمشرق العربي بخطو التاريخ غير مسبوقة (حسابات القرن 21)، فرنسا غير مشاركة في "السر المهني العملياتي" لها (إن جاز التعبير).
إن الخلاصات الكبرى هي:
- إيران جديدة ستولد بالمنطقة. بل إنه بدون تسرع يمكن الجزم أن "الخمينية" انتهت وأن مصلحة الدولة جديدة بدأت تبرز إلى الوجود في طهران (خاصة مع مرض المرشد العام خامينئي وقرب وفاته).
- تركيا لاعب كبير يخطو خطوا عملاقا ضمن تلك الخرائط الجديدة (ضمن حساب أمريكي أكبر، قد يكون ضحيته نتنياهو وفريقه وليس تل أبيب، فإسرائيل رابحة بمنهج سياسي مختلف في القادم من الشهور).
- السعودية الجديدة ولدت بشكل لا رجعة فيه (وعبرها سيتم حل الملف الفلسطيني).
- مصر لاعب محوري لأنه مسنود بقوة دربة الدولة فيه وأيضا صلابة مؤسسته العسكرية والديبلوماسية.
- العراق يتحرر لأول مرة من الوصاية الإيرانية الخمينية القديمة عبر البوابة السعودية والمصرية والتركية.
- روسيا تقبل بالقليل الذي تسمح لها به واشنطن بالمنطقة، ضمن حسابات موسكو الجديدة مع الصين.
- اللاعب المتخفي والمؤثر حضورا هو بكين عبر البوابتين الإيرانية والسعودية.
- تطور في الملف الفلسطيني قادم ضمن هذا الحساب المركب (يكاد المرء يرى حلا قريبا جدا للأسرى الإسرائيليين، وعودة مروان البرغوثي حرا في سماء رام الله).
الخلاصة هي أن الملف السوري أكبر من مجرد بشار وجولاني.