mardi 8 avril 2025
سياسة

لحسن اليوسفي: الجماعات التي تسيطر فيها العائلات السياسية غارقة فـي الهشاشة والفقر 

لحسن اليوسفي: الجماعات التي تسيطر فيها العائلات السياسية غارقة فـي الهشاشة والفقر  لحسن اليوسفي، باحث في علم النفس
يرى‭ ‬لحسن‭ ‬اليوسفي،‭ ‬باحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬أن‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تدبر‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬تحمل‭ ‬تداعيات‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬مشيرا‭ ‬بأنها‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يسجل‭ ‬أي‭ ‬مجهود‭ ‬لهذه‭ ‬العائلات‭ ‬–‭ ‬يضيف‭ -  ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتنمية‭ ‬مناطقهم،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الساكنة‭ ‬تعيش‭ ‬واقع‭ ‬الهشاشة،‭ ‬مضيفا‭ ‬بأن‭ ‬الجماعات‭ ‬الترابية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬فيها‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬لازالت‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬مشاكل‭ ‬التدبير‭ ‬اليومي‭ ‬لشؤون‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مرفق‭ ‬النظافة‭ ‬والنقل‭ ‬والإنارة‭ ‬العمومية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكلف‭ ‬نفسها‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬لتنمية‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬عبر‭ ‬جلب‭ ‬الاستثمار‭ ‬لتحريك‭ ‬عجلة‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬المحلية‭.‬

 ‬كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬ظاهرة‭ ‬العائلات‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬المجالس‭ ‬المنتخبة‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬معينة،‭ ‬وماهي‭ ‬أسبابها؟‭ ‬
 لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬أولا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬مجتمعنا‭ ‬بني‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬على‭ ‬القبيلة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬الأمور‭ ‬الى‭ ‬تأسيس‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية،‭ ‬حيث‭ ‬ظهرت‭ ‬عائلات‭ ‬معينة‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬نفوذها‭ ‬داخلها،‭ ‬لدرجة‭ ‬أننا‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬عائلة‭ ‬لوحدها‭ ‬تتبنى‭ ‬مواقف‭ ‬حزب‭ ‬معين،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬الحزب،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬الحزب‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭. ‬وأتذكر‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬بإقليم‭ ‬خنيفرة،‭ ‬وعند‭ ‬زيارة‭ ‬أحد‭ ‬رموز‭ ‬حزب‭ ‬الحركة‭ ‬الشعبية‭ ‬آنذاك‭ ‬كانت‭ ‬تخرج‭ ‬جميع‭ ‬القبائل‭ ‬لمقابلة‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭. ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية،‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬تخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬العائلة‭ ‬أم‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬تواجد‭ ‬العائلة‭ ‬يرجح‭ ‬كفة‭ ‬المصلحة‭ ‬الخاصة،‭ ‬ونحن‭ ‬أمام‭ ‬عائلات‭ ‬سياسية‭ ‬بحمولاتها‭ ‬تدبر‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬خطورة‭ ‬وقد‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬خدمة‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المصالح‭ ‬العامة‭ .‬

 
لكن‭ ‬ما‭ ‬يلاحظ‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬الأحزاب‭ ‬الأوروبية‭ ‬أو‭ ‬الأمريكية‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تواجد‭ ‬أفراد‭ ‬عائلات‭ ‬معينة‭ ‬داخلها،‭ ‬فإن‭ ‬توزيع‭ ‬مناصب‭ ‬المسؤوليات‭ ‬يتم‭ ‬بشكل‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وشفاف‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬الكفاءة‭ ‬والنزاهة،‭ ‬وليس‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬معيار‭ ‬الانتماء‭ ‬لعائلة‭ ‬فلان‭ ‬أو‭ ‬علان‭ ‬؟‭ ‬
‭ ‬أشرت‭ ‬الى‭ ‬مسألة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالنضج‭ ‬السياسي‭ ‬والديمقراطي‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬لم‭ ‬نصل‭ ‬بعد‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬النضج،‭ ‬فنحن‭ ‬لازلنا‭ ‬نسير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬نسجل‭ ‬بإيجابية‭ ‬تفعيل‭ ‬المتابعات‭ ‬القضائية‭ ‬ضد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬يصعب‭ ‬الاقتراب‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬معينة،‭ ‬وتفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬تحريك‭ ‬هذه‭ ‬المتابعات‭ ‬سيدفع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬الى‭ ‬مراجعة‭ ‬سلوكياتها‭ ‬وتصرفاتها‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ .‬
 
ما‭ ‬يعاب‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬والمثقفين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬هو‭ ‬كونهم‭ ‬يكتفون‭ ‬بتوجيه‭ ‬الانتقادات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقتحموا‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬مما‭ ‬فسح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬تنامي‭ ‬دور‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية،‭ ‬ما‭ ‬رأيك؟
لا‭ ‬أعتقد‭ ‬ذلك،‭ ‬فهذه‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬ولوج‭ ‬المثقفين‭ ‬للعمل‭ ‬الحزبي‭ ‬والعمل‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬حيث‭ ‬شكلوا‭ ‬لوبيات‭. ‬والتجارب‭ ‬الانتخابية‭ ‬تكشف‭ ‬فشل‭ ‬مثقفين‭ ‬وأساتذة‭ ‬جامعيين‭ ‬في‭ ‬منافسة‭ ‬أعيان‭ ‬القبائل،‭ ‬فسيادة‭ ‬الفكر‭ ‬القبلي‭ ‬وفكرة‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬صعبت‭ ‬ولوج‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬للعمل‭ ‬الحزبي‭ ‬والعمل‭ ‬المؤسساتي‭ ‬والدفع‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬الى‭ ‬الأمام،‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التاريخية‭ ‬فقد‭ ‬عانى‭ ‬المثقفون‭ ‬من‭ ‬الاضطهاد‭ ‬السياسي‭ ‬ومن‭ ‬التضييق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬المثقف‭ ‬يرى‭ ‬الأمور‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الإطار‭ ‬السياسي‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬داخله،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬الإشارة‭ ‬الى‭ ‬وجود‭ ‬مثقفين‭ ‬شرعوا‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬وقرروا‭ ‬ولوج‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬فئة‭ ‬الشباب،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬وعي‭ ‬وصحوة‭ ‬لدى‭ ‬الشباب‭ ‬بضرورة‭ ‬تملك‭ ‬مصيرهم‭ ‬بأيديهم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانوا‭ ‬فيه‭ ‬آبائهم‭ ‬يكتفون‭ ‬بتوجيههم‭ ‬الى‭ ‬ضرورة‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬مرشح‭ ‬معين‭ ‬لكونه‭ ‬ينتمي‭ ‬الى‭ ‬العائلة‭ ‬أو‭ ‬القبيلة‭..‬
 
هناك‭ ‬من‭ ‬يشير‭ ‬أيضا‭ ‬الى‭ ‬تورط‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬الذمم‭ ‬إبان‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية‭ ‬واللجوء‭ ‬الى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬المنافية‭ ‬للقانون‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يقطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الكفاءات‭ ‬لولوج‭ ‬مناصب‭ ‬المسؤولية‭..‬فكيف‭ ‬تنظر‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬النقطة؟
 صحيح‭.. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الكفاءات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬والامتداد‭ ‬القبلي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬يصعب‭ ‬عليها‭ ‬الولوج‭ ‬الى‭ ‬مناصب‭ ‬المسؤولية،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬مهمة‭ ‬وأولها‭ ‬العاطفة‭ ‬القبلية،‭ ‬لدرجة‭ ‬ان‭ ‬الكثيرين‭ ‬لا‭ ‬ينظرون‭ ‬الى‭ ‬الانتماء‭ ‬الحزبي‭ ‬للمرشح‭ ‬بل‭ ‬يركزون‭ ‬على‭ ‬الأشخاص،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬لم‭ ‬تبذل‭ ‬أي‭ ‬مجهود‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتنمية‭ ‬مناطقهم،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الساكنة‭ ‬تظل‭ ‬تعيش‭ ‬واقع‭ ‬الهشاشة،‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬الأرضية‭ ‬الخصبة‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وكما‭ ‬تلاحظون‭ ‬فإن‭ ‬التنمية‭ ‬أصبح‭ ‬رهانا‭ ‬للدولة‭ ‬وليس‭ ‬للجماعات‭ ‬الترابية،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬المبادرات‭ ‬يكون‭ ‬مصدرها‭ ‬المركز‭. ‬نسجل‭ ‬وجود‭ ‬هشاشة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬فيها‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية،‭ ‬وأنا‭ ‬أستغرب‭ ‬لكون‭ ‬الجماعات‭ ‬الترابية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬فيها‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬لازالت‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬21‭ ‬في‭ ‬مشاكل‭ ‬التدبير‭ ‬اليومي‭ ‬لشؤون‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مرفق‭ ‬النظافة‭ ‬والنقل‭ ‬والإنارة‭ ‬العمومية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكلف‭ ‬نفسها‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬لتنمية‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬عبر‭ ‬جلب‭ ‬الاستثمار‭ ‬لتحريك‭ ‬عجلة‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬المحلية،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬تحريك‭ ‬عجلة‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬المحلية‭ ‬وإيجاد‭ ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الهشاشة‭ ‬والفقر‭ ‬قد‭ ‬يعني‭ ‬فقدان‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬لمكانتها‭ ‬ونفوذها‭ ‬داخل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المناطق‭.‬