jeudi 17 avril 2025
مجتمع

محمد الضو السراج: العذراء "زهراء الكوش" من أعلام التصوف بالمغرب

محمد الضو السراج: العذراء "زهراء الكوش" من أعلام التصوف بالمغرب محمد الضو السراج و الضريح الأبيض القابع منذ قرون بجوار صومعة الكتبية
يتساءل زوار مراكش من المغاربة والأجانب عند زيارتهم لحدائق الكتبية عن الضريح الأبيض القابع منذ قرون بجوار صومعة الكتبية، عن هوية المدفون به، ولا يجدون جوابا شافيا عند الدليل السياحي كما لايوجد دليل مكتوب في المتناول عن تاريخ هذا الضريح المقفل والمجهول. ويكفي أن يكون لدى المسؤولين السياحيين بمراكش قليل من الإبداع، مثلا، أن يضعوا لوحة رخامية في باب الضريح تحوي معلومات عنه وعن صاحبه، وخصوصا وأنه موجود في موقع استراتيجي وبمدخل ساحة جامع لفنا الشهيرة، ولا يمكن لأي زائر لمدينة مراكش إلا أن يراه، ومن المفترض أن يتساءل عنه ولكنه لن يجد جوابا.
 
ساكنة الضريح الأبيض هي زهراء الكوش المعروفة ب (العذراء)، وهي من أعلام التصوف المغربي في القرن الحادي عشر الهجري، وتذكر روايات عنها أنها كانت امرأة ذات جمال وهمة، إلا أنها لم يسبق أن تزوجت، بل رفضت الزواج أصلا، ولذلك اشتهرت بلقب (العذراء).
 
ولدت زهراء الكوش بمدينة مراكش، وكان والدها عبد الله الكوش صوفيا وشيخا واجه البرتغاليين عند غزوهم لشواطئ المغرب في الجديدة وآسفي. 
 
عاشت زهراء بين القرنين السادس عشر و السابع عشر الميلادي. ونشأت في بيئة صوفية، حيث تشبعت بمبادئ وقيم والدها من خلال زاويته، التي كانت فرعا من فروع زاوية محمد بن سليمان الجزولي بمراكش.
 
لقنها والدها أصول الشريعة والفقه الإسلامي وهو شيخها في التربية الروحية والصوفية، كما تأثرت بشخصيات نسائية زاهدات متصوفات معاصرة لها، وكانت تقطن في منزل والدها على مقربة من جامع الكتبية في مراكش.
 
عُرف والدها بالكرم والجود، وهو الذي جعل السلطان السعدي زيدان الناصر (1613 - 1628) إبن أحمد المنصور الذهبي يحتاط منه. 
 
وكانت ابنته زهراء الكوش تقيم حلقات نقاش بين النساء وتحدثهنّ عن مزايا الجهاد. وسرعان ما بلغ صيتها قصر السّلطان، الذي طلب الزواج بها ولكنها رفضت، ما عرّضها للاعتقال والسجن، وتدخل مجموعة من الفقهاء والأعيان بمراكش لدى السلطان ليطلق سراحها. ولكنه دبر مكيدة لوالدها وذلك بالإجهاز على أملاكه بداعي التهرب من آداء الضرائب، وقام بنفيه إلى مدينة فاس، بعد رفضه فرض الضرائب على الزوايا.
 
اشتهرت زهراء الكوش بكثرة الصلوات والأذكار والصدقات، وتصنف في الأوساط الصوفية بين أولياء الله المتبعين، والنساك الصادقين، العارفين. وقد عرفت بلقب (أمة الله) عوض زوجة السلطان الذي رفضت طلبه بالتزوج بها. 
 
نسجت المخيلة الشعبية حولها أساطير وقصص، إذ يقال إنها تتحول ليلا إلى (حمامة) تنشر السّلام في مدينة مراكش ووجودها بالقرب من مسجد الكتبية جعلها تحمل لقب (حمامة مراكش). 
 
وقد تناولت الشاعرة الفرنسية كلود كوليت سيرتها وزارت مدينة مراكش مرارا حيث كانت تتردد على ضريحها، وأعادت صياغة قصة حياتها في قالب شعري وكتبت عن تجربتها الصوفية التي تبقى تجربة فريدة. 
 
توفيت زهراء الكوش في 1027 هـ  الموافق 1617م، وضريحها يوجد بجوار الكتبية بقبته البيضاء الفريدة وهو مغلق منذ سنوات.