هل هناك من وعي عميق لجمعيات أمهات وآباء التلاميذ بالأدوار التي يجب أن يلعبها هذا الفاعل المدني للنهوض بأدوار المؤسسات التعليمية؟ وما هو الدرس المستخلص من المشاركة الهزيلة جدا لأمهات وآباء وأولياء التلاميذ في الجموع العامة لتجديد هياكل هذه الجمعيات ؟ واذا كانت وزارة التربية الوطنية مدركة تمام الادراك بأن ورش اقلاع المدرسة العمومية يستدعي الانخراط الواعي لمختلف المتدخلين ، فهل سبق ووضعت برنامجا تكوينيا متكامل الحلقات يصب في تقوية قدرات الجمعيات المذكورة ؟ وهل مبادئ الحكامة الرشيدة تجد لها صدى في تدبير غالبية جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ؟
بعيدا عن العموميات التي غالبا ما تضيع فيها الحقيقة كما تضيع الإبرة في كومة الصوف، سنحصر الموضوع في رقعة جغرافية صغيرة اسمها إقليم وزان ، المصاب تدبير غالبية مكاتب جمعيات أمهات وآباء التلاميذ بمؤسساته التعليمية ، بوباء " أنفلونزا التسيب" . كيف ذلك ؟
لا يحتاج المرء لكثير عناء لتحديد البقع السوداء التي تشكل مظاهر بارزة بالجسد الجمعوي المذكور أعلاه، انتهت بتعطيل الأدوار الحقيقية التي على جمعيات أمهات وآباء التلاميذ كما هي محددة في النظام الداخلي النموذجي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي ، القيام بها .
من بين مكامن الخلل المرصودة من طرف القاصي والداني ، وجبت الاشارة إلى أن مكاتب هذه الجمعيات من غير شرعية الوجود القانوني ، فإنها لا تحتمي بأي شرعية أخرى ، لعل أبرزها شرعية الهيئة الناخبة ( الأمهات والآباء ) التي لا تشارك أزيد من 90 في المئة منهم في محطات قراءة التجربة بين ولايتين لهذا المكتب أو ذاك. هذه " المقاطعة" لم نسمع يوما بأنها كانت محط نقاش هادئ ومسؤول تشرف عليه المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ويشارك فيه مختلف المتدخلين ، وينتهي بالمصادقة على رزنامة من التوصيات ،مع الحرص على مواكبة تفعيلها . غير ذلك ستظل الأسر الوزانية تعطي بظهرها للمدرسة العمومية ، وبالتالي سيظل الحديث عن تعزيز الوظائف التي تضطلع بها المدرسة المغربية مختلة .
من بين مظاهر السيبة الأخرى التي يعرفها تدبير حزمة من هذه الجمعيات بالإقليم ما يطال ماليتها من غموض في الانفاق . ولنا في مالية جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ لأعرق ثانوية بالإقليم أسطع مثال . فحسب مصادر متفرقة فإن مبلغا يقدر بالملايين وقع عليه خلاف قبل سنوات، وترجح ذات المصادر بأن المبلغ لم يعرف طريقه بعد نحو حساب الجمعية! وشددت نفس المصادر بأن دخولا مدرسيا قبل سنوات عرف اصطداما قويا بين بعض أعضاء المكتب بسبب عدم ضخ بحساب الجمعية ما تم تحصيله من انخراطات الأمهات والآباء !
هذا العبث ينسحب على مالية جمعيات أخرى بإعدادية بعاصمة الإقليم كما بمؤسسات أخرى ,منتشرة بباقي الجماعات الترابية . لذلك من باب المواطنة الفعلية ، والتزاما بمبادئ الحكامة الجيدة ، وضخا لـنٓفٓسٍ قوي في قيمة الثقة ، وتجنبا لأصابع الاتهام ، وتفاعلا مع الحكمة الشعبية التي تقول " كن صافي ولْعن البيطار" لماذا لا يتم تنزيل آلية من آليات الافتحاص ، للوقوف على مدى سلامة الصرف بهذه الجمعية أو تلك ؟
دائما في إطار تجويد أداء جمعيات أمهات وآباء التلاميذ ، ورغبة في الارتقاء بأدوارها ، صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 20 يوليوز 2021 المرسوم رقم 2.20.475 يحدد قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين . وقد جاء في مادته 10 ما يلي " تفقد العضوية بجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ وتحمل المسؤولية بمكتبها التنفيذي بمجرد مغادرة بناتهم وأبنائهم لمؤسسات التربية والتكوين " . هذه المادة غير مفعلة في مكاتب لذات الجمعيات بأكثر من مؤسسة تعليمية ، ومع الأسف الشديد المديرية الاقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تغض الطرف عن تفعيل هذه المادة . تعطيل نالت من شظاياه الادارة الترابية الاقليمية بمناسبة الاحتقان الذي عرفته الساحة التعليمية مباشرة بعد اليوم العالمي للمدرس(ة) .
ولأن القانون يعلو ولا يعلا عليه ، فقد بات لزاما على المديرية الاقليمية للتعليم تعميم مذكرة على رؤساء المؤسسات التعليمية تدعوهم/ن فيها الحرص على التقيد بما جاء بالمرسوم المذكور .
من الاجتهادات المثيرة للشبهة في تدبير جمعيات لآباء و أولياء التلاميذ بإقليم وزان ، تعطيل تجديد مكاتب البعض منها لسنوات . ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ ، يضطر بعض أمهات وأباء التلاميذ بهذه المؤسسات ، عقد جموعات عامة في غياب مكاتب الولاية المستنفدة قبل فترة طويلة ، فيغيب مبدأ المحاسبة الأدبية والمالية . " تخريجة مخدومة " تنطبق عليها الحكمة الشعبية " ضربتيه بالسفنجة ".
هذا غيض من فيض الوحل الذي تسبح فيه جمعيات يعول عليها كثيرا لإنجاح ورش تأهيل المدرسة العمومية، لكن هذا لا يعني بأنه ليست هناك نقط ضوء تخترق الظلام ، فالحديث النبوي الشريف يقول " لا تجتمع أمتي على ظلالة " . لذلك سيكون من باب الانصاف ابراز الممارسات الفضلى التي تنسجها قيادات للجمعيات الناجحة ، وتكريم هذه الأخيرة في حفل رسمي كبير .
في التفاصيل يظهر الشيطان .... ومن اختار تعطيل مبادئ الحكامة الرشيدة بعد هذه "القرصات" فإننا للتفاصيل لكاشفون ....