خلف تعادل المنتخب المغربي مع خصمه منتخب الكونغو الديمقراطية بهدف لمثله، ونجاة أسود الأطلس من خسارة حقيقية أمام الفهود، جدلا واسعا في الوسط الإعلامي، خاصة حين أوضح الناخب الوطني وليد الركراكي أن الخصم الحقيقي لأسود الأطلس ليس بالضرورة هو الفريق الذي واجهه الأحد 21 يناير 2024، بل العامل المناخي، إذ أوضح الناخب الوطني وليد الكراكي في تصريحاته عقب المباراة أن الرطوبة والحرارة سببان لتراجع أداء المنتخب المغربي ضد الكونغو الديمقراطية، وتوقيت المباراة الذي كان صعبا للغاية، مشيرا إلى أنه سيعمل على تحضير لاعبيه بشكل جيد للمواجهة المقبلة.
وقال الركراكي خلال تصريحات إعلامية بالمؤتمر الصحفي عقب المباراة : "المباراة لم تكن سهلة، وفي بعض الأحيان أحاول ألا أفقد أعصابي، ولكن عندما تغرق بالعرق وأنت خارج الملعب، فأود أن أقول للاعبين أحسنتم، لأنهم عرفوا جيدا كيف يحققون نقطة التعادل".
وأجمع النقاد على ظهور المنتخب المغربي بوجهين، الأول في النصف ساعة الأولى حيث كان مسيطرا على أطوار المباراة، لكن مع مرور الوقت دب العياء في أجساد اللاعبين وبسط الخصم سيطرته على رقعة الملعب، فتراجع الأداء بشكل كبير، ما سمح للكونغوليين بتنظيم هجمات من حين لآخر كللت بهدف التعادل، وهو الأمر الذي دفع الكثير من متابعي شأن الكرة إلى طرح سؤال جوهري: هل يمكن أن "نمسح" الأداء الباهت للمنتخب المغربي في عامل الطقس، أم أن الحرارة والرطوبة شملت لاعبي الفريقين معا؟.
فضل البعض إجراء مقارنة بين عناصر المنتخب الوطني المغربي ونظيره الكونغولي، للوقوف على سر صمود الفهود ضد العامل المناخي، في إشارة إلى أن عددا كبيرا من لاعبي الخصم بدورهم يحترفون في الدوريات الأوربية، وبالتالي فإن الجميع سواسية أمام المؤثرات المناخية، أو هكذا يبدو للنقاد الرياضيين. بل إن البعض تساءل قائلا كيف توج المنتخب الوطني المغربي باللقب القاري سنة 1976 من قلب أديس أبابا في ظل ظروف مناخية أكثر قساوة وملعب يصعب فيه تمرير الكرات؟.
بهليوي: هذه مضاعفات المجهود البدني في جو رطب وحار
وبغرض تسليط الضوء على تأثير الظروف المناخية طرحت "أنفاس بريس" سؤالا مباشرا على ذوي الاختصاص: إلى أي حد يمكن أن تؤثر الظروف المناخية على أداء اللاعبين المحترفين؟
في هذا السياق سلط الدكتور مصطفى بهليوي طبيب الرجاء، الضوء على تأثيرات الرطوبة على الجسم خلال بذل مجهود بدني، فأشار إلى أنها تصيب الجهاز التنفسي بالخصوص لأنها تخلق اضطرابات تنفسية مع ألم في العينيين". وقال: "عندما نمارس الرياضة في جو رطب تحصل آلام في الصدر واضطرابات في نبضات القلب وعندما نتحدث عن نبضات القلب فإننا نتكلم مباشرة على العضلات بحيث يكون التأثير سلبي على الركض وعلى الحركات العضلية، خاصة وأن العضلات في حاجة إلى الأوكسجين، وعندما يكون الجو رطبا فإن تأثيره يتجلى في ظهور أعراض التعب السريع، فنلاحظ عدم القدرة على المنافسة البدنية في هذا الجو الرطب خاصة في مباريات كرة القدم".
في هذا السياق سلط الدكتور مصطفى بهليوي طبيب الرجاء، الضوء على تأثيرات الرطوبة على الجسم خلال بذل مجهود بدني، فأشار إلى أنها تصيب الجهاز التنفسي بالخصوص لأنها تخلق اضطرابات تنفسية مع ألم في العينيين". وقال: "عندما نمارس الرياضة في جو رطب تحصل آلام في الصدر واضطرابات في نبضات القلب وعندما نتحدث عن نبضات القلب فإننا نتكلم مباشرة على العضلات بحيث يكون التأثير سلبي على الركض وعلى الحركات العضلية، خاصة وأن العضلات في حاجة إلى الأوكسجين، وعندما يكون الجو رطبا فإن تأثيره يتجلى في ظهور أعراض التعب السريع، فنلاحظ عدم القدرة على المنافسة البدنية في هذا الجو الرطب خاصة في مباريات كرة القدم".
تعديل قوانين اللعبة بسبب الطارئ المناخي
وبناء على تقارير طبية أعلن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، تطبيق التعديل الجديد لقانون كرة القدم بإيقاف مباريات كأس أمم أفريقيا الكوت ديفوار 2024، مرتين خلال كل مباراة للتغلب على ارتفاع درجة الحرارة خلال هذه الفترة، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ من دورة مصر 2019 التي استضافتها مصر في عز الصيف والحر.
وعلى نفس المنوال سارت اللجنة الطبية بالكاف، والتي أكدت قبل انطلاق الدورة القارية "توقف كل المباريات مدة ثلاث دقائق بكل شوط للحفاظ على سلامة اللاعبين"، مشيرة إلى أن كل المباريات ستتوقف مرتين بواقع فترة راحة كل شوط، تكون الأولى في الدقيقة 30 والثانية في الدقيقة 75. وخلال فترة الراحة سيكون مسموحا للاعبي الفريقين والحكام تناول المشروبات والسوائل وترطيب أجسامهم بالمناشف المبللة. خاصة وأن درجات الحرارة في المباريات التي تجرى بعد الظهيرة تصل إلى 36 درجة بينما تتعدى نسبة الرطوبة 75 في المائة.
لماذا لم يتأثر الكونغوليون بالعامل المناخي؟
هناك سؤال آخر يتردد على ألسنة المحللين الرياضيين: "لماذا لم يتأثر لاعبو المنتخب الكونغولي بهذا العامل المناخي؟ وما سر قدرة التحمل لديهم علما أن البعض منهم ولدوا في أوربا، ويمارسون في بطولات خارج الكونغو على غرار غالبية العناصر الوطنية؟.
الجواب حسب الدكتور مصطفى بهليوي يرجع للمسألة الجينية، التي تجعل اللاعب الإفريقي خاصة في دول جنوب الصحراء وإفريقيا الشرقية يملك القدرة على مواجهة العوامل المناخية.
وفي لائحة المنتخب الكونغولي عدد من اللاعبين الذين ولدوا في أوربا، واختاروا الاحتراف فيها، نذكر منهم: صامويل موتوسامي لاعب نادي نانت وهو من مواليد فرنسا و شارليس بيكيل في كريمونيزي، وهو من مواليد سويسرا، وأرثر ماسوكو المولود في فرنسا والمحترف في بشكتاش التركي، وجوريس كاييمبي المولود في بلجيكا والمحترف في نادي جينك، ثم إيدو كايمبي المحترف في نادي واتفورد الإنجليزي، وفي نفس البلد ولد اللاعب هارون تشيبولا المحترف في فريق حتا الإماراتي، ثم يوان ويسا المولود في فرنسا والمحترف في برينتفورد الإنجليزي، واللائحة طويلة.