mercredi 14 mai 2025
اقتصاد

أحزرير: حكومة أخنوش تفتقد إلى استراتيجية واضحة المعالم لتبني مفهوم الدولة الاجتماعية

أحزرير: حكومة أخنوش تفتقد إلى استراتيجية واضحة المعالم لتبني مفهوم الدولة الاجتماعية ‬د‭.‬عبد‭ ‬المالك‭ ‬احزرير،‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬بجامعة‭ ‬مولاي‭ ‬اسماعيل‭ ‬بمكناس
يرى‭ ‬د‭.‬عبد‭ ‬المالك‭ ‬احزرير،‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬بجامعة‭ ‬مولاي‭ ‬اسماعيل‭ ‬بمكناس،‭ ‬أن‭ ‬ااحكومة‭ ‬تفتقد‭ ‬حاليا‭ ‬للطاقة‭ ‬والقدرة‭ ‬التوزيعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مشيرا‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬يعاني‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬الهشاشة،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التضامني‭ ‬لم‭ ‬يعط‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة‭ ‬منه‭ ‬لأسباب‭ ‬هيكلية. ‬
وأضاف أحزرير في حوار مع
"الوطن الآن" و"أنفاس بريس"، قائلا بأنه من‭ ‬الصعب‭ ‬القول‭ ‬بعودة‭ ‬المغرب‭ ‬الى‭ ‬تبني‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يبقى‭ ‬مفتوحا‭ ‬فقط‭ ‬أمام‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭  ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬اقتصاديات‭ ‬قوية.
 

كيف‭ ‬تنظر‭ ‬الى‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬المعلن‭ ‬عنها‭ ‬والتي‭ ‬بمقتضاها‭ ‬سيتم‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬مباشر‭ ‬للأسر‭ ‬الفقيرة‭ ؟
إذا‭ ‬أردنا‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بمفهومها‭ ‬المتعارف‭ ‬عليه:‭ ‬المفهوم‭ ‬البيسماركي‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬أو‭ ‬المفهوم‭ ‬الكينزي‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬فالهدف‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬هو‭ ‬تكريس‭ ‬دعائم‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الرفاه‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬توزيعيا‭ ‬أي‭ ‬توزيع‭ ‬الثروة‭ ‬والرفاه‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تحصيل‭ ‬الضرائب،‭ ‬وقد‭ ‬كرست‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬الثلاثينيات‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬نهاية‭ ‬الثمانينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وألمانيا،‭ ‬ولكن‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬باتفاق‭ ‬أمريكي‭ ‬–‭ ‬سوفياتي‭  ‬وإعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬عن‭ ‬ميلاد‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬العولمة‭ ‬وعلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الحر،‭ ‬دخلنا‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬وهي‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬الليبرالية‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬العالم‭. ‬فظهر‭ ‬فكر‭ ‬جديد‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬والفردانية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬نلمسه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعمال‭ ‬فريدريك‭ ‬فون‭ ‬هايك‭ ‬وأعمال‭ ‬لينكولن‭ ‬فريدمان،‭ ‬وقد‭ ‬امتدت‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الأنجلوساكسونية‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬بعد‭ ‬مناظرة‭ ‬والتر‭ ‬ليبمان،‭ ‬وهي‭ ‬مناظرة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭.‬

الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬صعب‭ ‬لأن‭ ‬التوجه‭ ‬العالمي‭ ‬والبراديغم‭ ‬السائد‭ ‬اليوم‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الخوصصة‭ ‬وتحرير‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬والمنافسة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وعلى‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬ترعى‭ ‬هذه‭ ‬المنافسة‭ ‬وتسهر‭ ‬عليها‭ ‬عبر‭ ‬جرعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬نيوليبرالية‭. ‬وبالعودة‭ ‬الى‭ ‬تحليل‭ ‬خطاب‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭ ‬عند‭ ‬تعيينه‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الملك،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب،‭ ‬وهنا‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال،‭ ‬ما‭ ‬المقصود‭ ‬بالدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي؟‭ ‬فخلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬بنكيران‭ ‬كان‭ ‬الغلاف‭ ‬المالي‭ ‬المخصص‭ ‬لصندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬هو‭ ‬52‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬بينما‭ ‬رصدت‭ ‬الحكومة‭ ‬اليوم‭ ‬16‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬فقط‭ ‬لصندوق‭ ‬المقاصة،‭ ‬فهل‭ ‬للدولة‭ ‬مداخيل‭ ‬أخرى‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الضرائب‭ ‬والتي‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬السير‭ ‬قدما‭ ‬لوضع‭ ‬أسس‭ ‬الرفاه‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬المقاولة‭ ‬وتشجيعها‭ ‬لخلق‭ ‬الثروة‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬نسبة‭ ‬نمو‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬أثر‭ ‬ايجابي‭ ‬على‭ ‬المجتمع؟‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬يبقى‭ ‬مرتبطا‭ ‬بمدى‭ ‬إنعاش‭ ‬هذه‭ ‬المقاولة‭ ‬وهذا‭ ‬يبقى‭ ‬مشروع‭ ‬مطروح،‭ ‬ولكن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هي‭ ‬مدرسة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تقوم‭ ‬بصفة‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬كون‭ ‬موارد‭ ‬الدولة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬ترقية‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬ولعل‭ ‬وجه‭ ‬المفارقة‭ ‬هو‭ ‬كون‭ ‬السياسات‭ ‬الحكومية‭ ‬تمزج‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السياسات‭ ‬النيو‭ ‬ليبرالية‭ ‬والسياسات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الطبقات‭ ‬المتوسطة‭ ‬لكون‭ ‬هذه‭ ‬الطبقات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ستدفع‭ ‬الضريبة‭ ‬عن‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬ستلجأ‭ ‬الى‭ ‬رفع‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬وسيخصص‭ ‬الفارق‭ ‬الى‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المباشر‭ ‬للأشخاص‭ ‬والأسر‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬هشاشة‭.‬‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬جميل،‭ ‬يعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬بوجود‭ ‬دولة‭ ‬تكرس‭ ‬التضامن‭ ‬بين‭ ‬الشرائح‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التضامن‭ ‬يحمل‭ ‬بعدا‭ ‬عاطفيا‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬بعدا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وعقلانيا،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬تمويل‭ ‬الملف‭ ‬الاجتماعي‭.‬
 
البعض‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الاجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬أي‭ ‬جديد‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬ستؤدي‭ ‬الى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الهشاشة،‭ ‬حيث‭ ‬أنها‭ ‬ألغت‭ ‬دعم‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬وسط‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬الارتفاع‭ ‬المهول‭ ‬لأسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬؟
أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬القديم‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الحكومات‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬إحصائيات‭ ‬دقيقة‭ ‬جدا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشرائح‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومداخيلها،‭ ‬فهناك‭ ‬فقط‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬المندوبية‭ ‬السامية‭ ‬للتخطيط،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬المعطيات‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬ومعطيات‭ ‬أخرى‭ ‬لدى‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭. ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يبقى‭ ‬غير‭ ‬كافيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوفر‭ ‬على‭ ‬سجل‭ ‬اجتماعي‭ ‬دقيق‭ ‬جدا‭ ‬كي‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬والفئات‭ ‬الفقيرة،‭ ‬والفئات‭ ‬المتوسطة،‭ ‬إلخ‭. ‬ولذلك‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬إشكالية‭ ‬تحديد‭ ‬هذه‭ ‬الفئات،‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بصندوق‭ ‬المقاصة،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يعاب‭ ‬عليه‭ ‬بكون‭ ‬طبقة‭ ‬المنتجين‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬إعانات‭ ‬المستهلكين،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬دعم‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وربما‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬لن‭ ‬يسرنا‭.. ‬وربما‭ ‬يصبح‭ ‬الوضع‭ ‬أفظع‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬لأن‭ ‬الشرائح‭ ‬المتوسطة‭ ‬ستنهار‭ ‬الى‭ ‬السلاليم‭ ‬الدنيا،‭ ‬كما‭ ‬ستخلق‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الهشاشة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬بروز‭ ‬طبقات‭ ‬مخيفة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وحينها‭ ‬سنصبح‭ ‬مطالبين‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بدعم‭ ‬الرهان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬بدعم‭ ‬الرهان‭ ‬الأمني،‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬طبقات‭ ‬تفضل‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬المهيكل‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬وخروج‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬وما‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عقوبات‭. ‬فليس‭ ‬لدينا‭ ‬حل‭ ‬للإدماج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬منذ‭ ‬تطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬التقويم‭ ‬الهيكلي‭ ‬وسلك‭ ‬مسار‭ ‬النيو‭ ‬ليبرالية،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تفتقد‭ ‬حاليا‭ ‬للطاقة‭ ‬والقدرة‭ ‬التوزيعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬تبني‭ ‬المقاربة‭ ‬الزجرية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬بدل‭ ‬تبني‭ ‬مقاربة‭ ‬إدماجية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتوفير‭ ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬والوظائف‭ ‬المدرة‭ ‬للدخل‭. ‬

إذن‭ ‬نحن‭ ‬نعاني‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬الهشاشة،‭ ‬وحتى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التضامني‭ ‬لم‭ ‬يعطي‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة‭ ‬منه‭ ‬لكون‭ ‬المسألة‭ ‬هيكيلة‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬القول‭ ‬بعودة‭ ‬المغرب‭ ‬الى‭ ‬تبني‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يبقى‭ ‬مفتوحا‭ ‬فقط‭ ‬أمام‭ ‬مجموعة‭ ‬الثمانية‭ ‬أي‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬اقتصاديات‭ ‬قوية،‭ ‬وهي‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬التناقضات‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والمقاولة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فالمسألة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬إطار‭ ‬عملية‭ ‬محاسباتية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالميزانية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬سياسة‭ ‬اجتماعية‭ ‬مرتبطة‭ ‬باستراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬للرجوع‭ ‬الى‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭.‬