mardi 15 avril 2025
سياسة

العميد البحيري: بيان قرار مجلس الأمن 2703 إعلان نهائي للأكاذيب والمناورات التي تختبئ وراءها الأطروحة الجزائرية

العميد البحيري: بيان قرار مجلس الأمن 2703 إعلان نهائي للأكاذيب والمناورات التي تختبئ وراءها الأطروحة الجزائرية  العميد يوسف البحيري واجتماع لمجلس الأمن

عرفت القضية الوطنية مجموعة من التطورات والمستجدات الهامة تتجلى في تبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، 30  أكتوبر 2023، القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، والذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة، إلى غاية متم أكتوبر 2024. كما عاشت مدينة سمارة بالاقاليم الجنوبية هجوما ارهابيا حيث اعترفت جبهة البوليساريو بالوقوف وراء التفجيرات التي استهدفت المواطنين العزل في الاحياء السكنية. كما تؤكد تثير التقارير الدولية الى الوضعية غير الإنسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف  التي تستعملها البوليساريو كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الإنسانية من طرف المجتمع الدولي. لتقريب القراء من هذه الأحداث، استضافت" أنفاس بريس" العميد يوسف البحيري أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بمراكش  لتقديم قراءة قانونية في الموضوع.

 

ما هي قراءتكم للقرار 2703 الأخير الصادر عن مجلس الأمن  من زاوية القانون الدولي:

أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم 30 أكتوبر 2023، القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، والذي يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية "المينورسو" لمدة سنة، إلى غاية نهاية أكتوبر 2024. وأول ملاحظة أساسية يمكن تقديمها بشأن هذا القرار المتزن والعادل، هو أنه يحدد بشكل دقيق مسؤولية الجزائر كطرف مباشر في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية،  ويلزمها بالدخول المباشر والواضح في المفاوضات السياسية والجلوس على طاولة المفاوضات مع المملكة المغربية.

ومن جانب ثان، يحمل القرار 2703  الجزائر المسؤولية السياسية والأخلاقية أمام المجتمع الدولي في البحث عن التسوية السلمية والنهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية،  والذي يعطل المسيرة التنموية والاقلاع الاقتصادي لمنطقة جنوب البحر الابيض المتوسط.

كما أن بيان القرار 2703 ذاته يحمل بين طياته دلالات عميقة، فهو يشير الى الجزائر في الصياغة النهائية بصفتها طرفا مباشرا في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ست مرات، وهو نفس عدد المرات التي ذكر فيها المغرب. وبالتالي فبيان القرار 2703  هو بمثابة اعلان نهائي للاكاذيب والمناورات التي تختبئ وراءها الاطروحة الجزائرية التي ترددها في المحافل الدولية بأنه ليست لها أطماع اقتصادية وأهداف جيواستراتيجية  في الاقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وأن ما يهمها في الأمر هو الدفاع عن تقرير المصير الذي انتهى العمل به في السبعينات من القرن الماضي مع تصفية الاستعمار الاوروبي. فتقرير المصير يحمل طابعا ايديولوجيا خاصا،  فهو يشكل ورقة تستغلها الجماعات الانفصالية لتهديد الإستقرار والوحدة السياسية للدول،  لأن تطبيقه قد يشكل مساسا بسيادة وسلامة أقاليم الدول الأطراف. 

 وعلى هامش القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، أبانت أشغال مجلس الأمن عن التشبت بمشروعية الاقتراح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي كحل سياسي لقضية الصحراء المغربية في اطار السيادة  المغربية، والذي يندرج في سياقات الحلول السلمية وبمبادئ الامم المتحدة قصد تحقيق الاستقرار في المنطقة. وهو ما قد يفسر على أن مجلس الأمن يسير في اتجاه الطي النهائي لملف الصحراء المغربية من خلال التأكيد على أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل النهائي وفق مبادئ القانون الدولي و ميثاق الامم المتحدة.

ومن الملاحظات الهامة كذلك هو الموقف الفرنسي داخل مجلس الأمن، الذي أكد  خلال جلسة اعتماد القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية عن الدعم التاريخي والدائم لفرنسا للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي كحل سياسي وحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وهو ما يمكن تفسيره بالاعتراف بالسيادة المغربية على الاقاليم الجنوبية و والاعلان عن التقارب مع  المغرب الحليف التاريخي والاستراتيجي و التجاوب مع شرط الاعتراف بمغربية الصحراء لتجاوز الازمة الدبلوماسية بين البلدين.

فالاجماع الدولي والإقليمي داخل هيئة الامم المتحدة حول مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية،  يشكل ضربة موجعة للأطروحة الانفصالية و تصدعا قويا في بنيان الجزائر وجبهة البوليساريو التي تتاجر بالوضعية غير الانسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف  كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الانسانية من طرف المجتمع الدولي

 

أعلنت البوليساريو عن مسؤوليتها في الاعتداء الارهابي الذي استهدف مدينة سمارة ما هو تعليقكم عن هذا الحدث؟

عاشت مدينة سمارة قبل أيام اعتداءا ارهابيا تجلى في إنفجارات متتالية في العديد من الأحياء الآهلة بالسكان، بواسطة المقذوفات المتفجرة التي تسببت في وفاة أحد الضحايا وإصابة ثلاتة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، من بينها حالتان حرجتان تم نقلهما للمستشفى بالعيون لتلقي العلاجات الضرورية. حيث  أكدت جبهة البوليساريو في "بلاغها  العسكري رقم 901 أنها قامت بقصف مركز وعنيف لمنطقة  المحبس والفرسية ومدينة السمارة".

وفي بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالعيون، أعلن أنه تم تكليف الشرطة القضائية المختصة بإجراء بحث قضائي، لتحديد المسؤولية الجنائية للجناة الذين خططوا وارتكبوا هذه الجريمة الارهابية بإطلاق مقذوفات متفجرة استهدفت أحياء سكنية بمدينة السمارة و ترتيب الاثار القانونية اللازمة على ضوء نتائج البحث.

فهذا العمل الإرهابي الإجرامي الذي استهدف زهق أرواح المواطنين  بمدينة سمارة يتنافى مع مقتضيات المواثيق الدولية لحقوق الانسان مثل المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان "لكل فرد الحق في الحياة  وسلامة شخصه"، و المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان،  ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا".

إن الجريمة الإرهابية  لسمارة تروم تحقيق أهداف محددة تندرج في إستراتيجية الرعب، أولها قتل الافراد سواء المواطنين العزل  بهدف إجهاض  الحق في الحياة والإعتداء على النفس الإنسانية والسلامة الجسدية من أجل خلق حالة عدم الإستقرار وعدم القدرة على العيش في إطمئنان وزعزعة مقومات السلم الاجتماعي، وثانيا إلحاق الضرر  بالتنمية الإقتصادية والاجتماعية في الاقاليم الجنوبية، وثالثا تسعى العملية الارهابية  تعطيل المسار الديموقراطي للمملكة المغربية، فالبوليساريو  التي تقف وراء تخطيط وتدبير وتنفيذ  العمل الإرهابي الإجرامي بسمارة، تتوفر على أجندة محددة  تستهدف عرقلة مسار البناء الديموقراطي.

ومن هذا المنطلق،  فالقوات المسلحة الملكية تتوفر حق الدفاع الشرعي بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعطيها الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس  ضد البوليساريو وإذا أعتدت عليها قوة مسلحة أجنبية عليها، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين.

لقد رفعت بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية "المينورسو" تقريرها بشأن الهجوم الإرهابي الذي نفذته البوليساريو واستهدف مدينة السمارة، والذي تتوفر اركان جريمة حرب ضد المدنيين وفق مقتضيات الاتفاقية الرابعة لجنيف 1949 .

كما يمكن للمغرب اللجوء الى مجلس الأمن لاتخاذ التدابير اللازمة لمحاربة الارهاب في سياق نظام الأمن الجماعي وحفظ السلم والأمن الدوليين، وطبقا لمقتضيات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حيث يتمتع  مجلس الأمن يتمتع بسلطات واسعة في إطار تطبيق الأمن الجماعي، إذ يمكنه إتخاذ التدابير الضرورية اللازمة في حالة تهديد السلم أو الإخلال به.

 

تتحدث العديد من التقارير الدولية على تهريب المساعدات الدولية الإنسانية من طرف جبهة البوليساريو ما هو تعليقكم عن ذلك؟

تعيش مخيمات تندوف هذه الايام الاخيرة حالة من الغليان والتمرد،  حيث يخوض المئات من  الشباب والاطفال والنساء والشيوخ  نوعا من العصيان داخل  مخيمات بتندوف للتنديد بتهريب المساعدات الانسانية والاستيلاء عليها من طرف عناصر من ميليشيات البوليساريو، ونهج سياسة التجويع التي تمارسها قيادة المرتزقة  في حقهم، من خلال منعهم من المواد الضرورية للحياة  والمتاجرة في المساعدات الانسانية.   لقد رصد مراقبو المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال العديد من المستودعات السرية  بتندوف حيث يتم تخزين المساعدات الانسانية التي يعاد بيعها عوض توزيعها على سكان المخيمات بتندوف. والأدهى من ذلك، يضيف التقرير، أن جزء من المساعدات التي تصل إلى مخيمات تندوف يتم بيعها للسكان عوض توزيعها عليهم بالمجان، مسجلا أن غالبية المساعدات تستخرج من التعليب الذي يشير إلى مصدرها باعتبارها مساعدات إنسانية دولية لتوضع في أكياس وعلب لا تحمل أي هوية بغية بيعها في الأسواق الجزائرية والموريتانية والمالية. ويشير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال إلى الأرباح التي يجنيها المشرفون على عملية اختلاس المساعدات بفضل المقايضة، وهي ممارسة مستشرية في مخيمات تندوف، والتي يضطر ممارسوها إلى دفع نسبة من الأرباح لكبار المسؤولين في “البوليساريو.

إن تهريب ومنع وصول مواد الإغاثة الإنسانية والدواء والحاجيات الضرورية لحياة المدنيين المحتجزين في مخيمات تندوف يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني، فالمادة 14  من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 تمنع تجويع المدنيين كأسلوب  من أساليب الحرب وتمنع حرمان وصول المواد الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة مثل المواد الغذائية والأدوية ومواد الإغاثة الأولية. إن إثارة وضعية المدنيين المحتجزين بتندوف والتي تتوفر فيها أركان الجريمة ضد الانسانية، تستدعي تحريك اليات المتابعة الجنائية الدولية لانتهاكها لمقتضيات القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تمثل مرجعية اساسية لضمان حماية المدنيين المحتجزين بمخيمات تندوف من جرائم البوليساريو، وذلك بتحريم الاعتداء على المدنيين أو مهاجمة أو تدمير المنشآت الضرورية لحياة المدنيين .