dimanche 20 avril 2025
كتاب الرأي

عبد الله الكوا: إلى الجالسين على الكرسي الوتير.. بعد أن كان مجلسهم على الحصير !!

عبد الله الكوا: إلى الجالسين على الكرسي الوتير.. بعد أن كان مجلسهم على الحصير !! عبد الله الكوا
من أكبر نقائص الشخص المريض بالأمراض المكتسبة في زماننا، النفسية إلى أن تثمر غير ذلك، أن يركب المرء كرسي المسؤولية فلا يتفطن إلى جاذبية تركبه من قفاه، فيزداد يوما بعد يوم غرقا في ما يظن أنما يفعله هو عين الصواب ..
والحال أن مرض المسؤولية يغلب على طبع من ليس أهلا لها، ومن صفات ذلك.. أن يتشبث بها تشبت الضرير بعصاه، فتعلمه عن خطأ أن محيطه كله موبوء، وربما لايدخل عليه إلا طامع في وده، وقد يكون الأمر كذلك، ولايتقرب منه إلا حاسد له هذه النعمة، فيزداد عزلة يدفع الناس عن مكتبه، ويتفنن يوما بعد يوم في خلق الأعذار ليتهرب من كل معقول قد يذكره بما كان يتمناه قبل اعتلائه شحمة الكرسي الوتير ...الأمر الآخر، أن إحساس القاعد عليه، تتملكه حساسية مفرطة من كل من يعرف أويتقن عملا أويشتغل بجد ، فما يكون من المسؤول المريض إلا أن يختار، بشعور أو لا شعور وبنوع من السادية أن يتفنن في تعذيب المعذبين في الأرض أصلا، ولو بعدم الإلتزام بالحضور في الوقت الذي قطعه معهم وبرضاه، ليكون أول من يخترق الوقت وبلذة المتحكم في كل شيء ،اللذة يحسها لأن الجميع لايستطيع فعل شيء دونه،إلا أن يحصي الدقائق في انتظاره كودو العجيب ..هههه، وإذا اشتغل بالناس طويلا ، لايملك أن يغيب عنهم ، مخافة أن يتحدث الناس كما يظن بما سواه، إلى أن يفرقهم ، وقد يبقي على الأكثر دلا، حتى يطمئن من خلالهم على أن ما قال وفعل هو الخلاص الكبير، كمن يتمتع بتصفيقات الناس حتى ولوعلى غير ما يحدثهم، بل لسماع اسم أو فعل يذكرهم بأمجاد امرىء آخر، أو فعل شريف، أو نجاح محقق ممن سواه ..
ومن صفات الضعيف الجالس على الكرسي أن لايقبل أي مقترح إلا إذا كان هو صاحبه أو أظهر عطفه عليه ورضاه، أولمسة لفظية أو خطية أو أي شيء لا يترك للمجتهد اجتهاده ولايفسد له ذلك، بل لمجرد ادعاء يحلو للقاعد أن يراه، حتى ولو كان صحيحا في الأصل ،لذلك ترى الضعيف يبحث عن تصيد أخطاء حتى ولوكانت همزة على الألف، لأن اللذة هنا تكمن في أنه خط بخطه الشريف على ما رآه ، وهي حالة نفسية تعكس بالطبع الضعف اللاشعوري في غلبة الأمرعليه وفقره الذي لايرضاه.. 
حتى في حجرته أو قسمه أو مكتبه مع غيره..
الضعيف يتحدث أكثر مما يشتغل .. 
والعاقل في التدبير يشغل محيطه بهدوء ويرفع من قدره أهله حتى وإن بدا له عيب أو نقص، تمهل في مسعاه وسواه...
ومن مساوئ القاعد عليه ،أن يشك في كل ما لم تصنعه يداه، والتمسك بكل المداخل والمخارج، وإنهاك النفس في الجزئيات، والاعتماد على الصغار في الغلبة على الكبار،  وتغليب النكتة حتى في أوقات الجد، وإقفال المفتوح والتفنن في فتح المسكوت عنه وإبعاد البعض من البعض، والإنتقام من كل تجمع سليم حتى ولو كان في الفكرعقوبة على المعافاة، وفرحا للتبعثر، ونهيا في الظاهرعنه، والضحك في وقت ألم الآخرين مع شيء من المداراة، والضجر من فرح الآخرين ...ولا يفعل خيرا في الظاهر إلا في خوف ممن هو أقوى منه سلطة، وهو لا يملك أمامه رأيا، ولايملك إلا أن يتحدث عنه توددا وخوفا وطمعا، فتلك بعض مظاهر أقزام الجالسين على الكرسي الوتير ،بعد أن كان مجلسهم على الحصير، فطوبى لمن عرف قدره، ولمن تواضع بعلمه ، ولمن سمع لغيره مهما قل شأنه..