dimanche 20 avril 2025
كتاب الرأي

أحمد بومعيز: شرود الجزائر ودرس البريكس.. هل باتت الجزائر خارج السياق الدولي!؟

أحمد بومعيز: شرود الجزائر ودرس البريكس.. هل باتت الجزائر خارج السياق الدولي!؟ أحمد بومعيز
ليس غريبا على نظام الجزائر تمثله الخاطئ حول دولته، وإمكانياتها، وموقعها الاقتصادي، والسياسي، والاستراتيجي، سواء داخل منطقة المتوسط وشمال إفريقيا، اوبالمنطقة العربية، أو ضمن باقي دول الإقليم.
 وليس غريبا أيضا على نظام الجزائر أن يتطلع إلى موقع أو تكثل دولي قد يساعده أو يدعمه على الاستمرار في نهج سياسة المغامرة على المستوى الإقليمي ،وفي علاقة بدول الجوار ،والاستمرار في التحرش بالمغرب ،ودعم أطروحة الانفصال في أقاليم الصحراء المغربية. 
كما أنه ليس غريبا على الجزائر ،الرهان على دول مؤسسة ومؤثرة في مجموعة البريكس، كجنوب افريقيا وروسيا ،وخصوصا جنوب افريقيا، بأن تكون المحامي الوفي لها في الدفاع عن ملف ترشحها للمجموعة ،مع الإشارة أن الجزائر كانت تراهن منذ الانقلاب على شرعية بنبلة سنة 65 على المعسكر الشرقي والاتحاد السوفياتي وبعده روسيا .
هذا، فكل المؤشرات كانت محسومة - وفق تحليل وتمثل ووهم نظام الجزائر - لصالح مطلب إنضمامها إلى مجموعة البريكس. 
لكن ما لم تحسبه الجزائر جيدا ،نظرا لضعف استراتيجية الدولة والنظام ،ونظرا لعدم وعيها واعترافها بواقع وضعها الاقتصادي والاجتماعي، هو أنها ليست اقتصادا سريع النمو ولا دولة مؤثرة في المحيط الدولي ( كالمرشحين الآخرين ،السعودية والإمارات ومصر وإيران وأتيوبيا والأرجنتين)، كما أن إيمانها أو اعتقادها بولاء جنوب افريقيا لم يكن صائبا بالمرة، نظرا لبراغماتية السياسة الدولية وتجمع البريكس. وحتى رهانها على روسيا لم يكن في محله لكون روسيا بدورها في حاجة لفك العزلة عن نفسها وعن مصالحها، والخروج من ضائقة وحصار ومأزق حرب أوكرانيا.
وهكذا ،وجدت الجزائر نفسها في حالة شرود سياسي واستراتيجي ، لا هي ضمن مجموعة البريكس ،ولا هي في علاقة متميزة أو حتى طيبة مع دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.وبذلك تكون الجزائر قد خسرت على مستويين:
على مستوى التحالف التقليدي لها من خلال دول جنوب افريقيا وروسيا ،خصوصا جنوب افريقيا التي كانت تراهن عليها في ملف الصحراء المغربية ،والتشويش على كل مشروع تسوية سياسية تحت رعاية مجلس الأمن والأمم المتحدة ،وهو الأمر والموقف الذي تبنته مجموعة البريكس في اجتماعها الأخير .
وعلى مستوى تدبير العلاقات الخارجية مع دول النظام العالمي خارج البريكس بزعامة واشنطن. وهو ما قد يؤثر على مستقبل تحالفاتها، ويفقدها الكثير من المصداقية والشخصية الدبلوماسية على المستوى الدولي والاقليمي ،إذ لا يمكن مقارنة وضعها وموقعها بدول تحاول إبراز درجات متقدمة من التحرر من تاثير الدول الغربية والالتحاق بتحالف البريكس ،كالسعودية والإمارات ومصر ،نظرا للقوة الاقتصادية والاستثمارية والمالية للسعودية والإمارات ،وتأثير مصر في دينامية دول الجوار وفلسطين وإسرائيل..لأن الجزائر تبقى في الواقع دولة ضعيفة اقتصاديا، وبنسب متواضعة في مجال استقطاب الاستثمارات ،مع اعتماد اقتصادها كليا على الريع النفطي ،وبدون أفق استراتيجي..  اللّهُم زرع وخلق بؤر التوثر بين دول المنطقة، والبحث على عرقلة مسار المغرب.
وإذا كانت الجزائر قد فشلت في تحقيق مشروع الالتحاق بمجموعة البريكس كي تتمكن من تدبير أزماتها التنموية والاقتصادية والاجتماعية ،ولكي تضغط أكثر على المغرب وزعزعة استقراره ووحدته الترابية ،وحتى وإن كان رفضها من قبل مجموعة البريكس يعتبر نتيجة موضوعية، فهذا لا يعني أن الجزائر مستعدة لقراءة الواقع والأحداث بحكمة، وأنها قد تعيد النظر في سياستها وحساباتها، وترتب أولوياتها وفق ما يقتضيه المنطق التاريخي والجغرافي والجيوسياسي بالمنطقة المغاربية، نظرا لأنها بكل بساطة صارت دولة خارج السياق الدولي ..