dimanche 20 avril 2025
كتاب الرأي

عبد الله الكوا: عندما يقف الشامخ بتاريخه دون أن يثني ظهره

عبد الله الكوا: عندما يقف الشامخ بتاريخه دون أن يثني ظهره عبد الله الكوا
منذ  أن حمل أول محفظة لزرع الحلم الموزع على الأسرة، لأنه كان يرفض الإنحناء، ترجاه أبوه مسؤولا كبيرا، وحلمت به الأم كأول مدرسة معلما يوفى التبجيلا، ومنذ صباه، إن لم يكن منذ ولادته خلق شقيا مشاكسا عنيدا ...قرر قرارات بتشاور وقرر الزمان مسيرات بلا نزاع ....مرق عن الطاعة لما استرجع عشرات الدريهمات من إدارة الإعدادي  مبكرا كواجب كراء.. كتب مستواه الذي كان يدرس به بداية السبعينات وحلم بأن يكون ممرضا في زمانه، فأدعن الأب لرأيه مكرها ،،، وما لبث أن مل هذا الاختيار خلال الشهر الأول من درس العلوم في الصحة والحياة، وعاد إلى مقعده المدرسي كما عاد ديك بوكماخ إلى خمه مهزوما، بصعوبة كبيرة قبله المديربعد أن انتهت أعذاره.. وركب عقله عندما اجتاز بنجاح امتحانا آخر للتخرج دركيا ... وهو ما أفرح الأم المدرسة بالفطرة لا يالشواهد والديبلومات ،ولأن الدركي عند جيل الآباء والأجداد يحكم وله سلاح يهاب ويخشى شره، لكن الأب الذي جال و جاب وعرف حق الرجال وصعوبة الحياة، كان يتحفظ من هذا الاختيار، فأقسم وتبرم، ورفض إعالته حتى وإن نجح هذا المتمرد الثائر  على صباه...اتم دراسته متدبدبا ،هي صورة متكررة لرفض التمدن عند بدوي وبأصالة الإنتماء التي لا تستجيب لمسارات الحضارة كلها، ...وفتحت الأبواب ثالثة لما قضى الله؛ واستجاب قدره لمتابعة الدراسة بأعتى الجامعات في زمن التواصل التقليدي بالرسائل والبعيثات والشفوي المهيمن على كل المعاملات، السوربون في المقاطعة السابعة عشرة حيث نادى الحلم الجديد، ابتهج الأب لهذا الاختيار : متابعة الدراسة الجامعية بلغة الفرانسيس ..التمدن القادم أسوأ من تزنيت ومن عادات السبليون ومن وصفات المحليين المختلفة، رسالة تفتح الفرصة لاحتضان هذا الشغب العلمي؛ في منظومات تحسن التعامل مع كل فج عميق ... وكان اليوم حافلا بالذكرى، وبرقت عينا الأب على ما خطته رسالة السوربون مرحبة في أجل معلوم، حيث لايفصل بينه وبين بلد الجن والملائكة إلا جواز سفر سافر من أجله الوالد راضيا مرضيا إلى كلميم، وكعادة كلميم التي تقتل الحلم وهو ضنين، تقرر الرفض قبل سنين، في لوح محفوظ، لم تكتب له ريشة الغربة أن يتحقق في جلسة شاي ولو إلى حين ، قد يكون في زمن لاحق كأس مخصبة بالسواد وراء قرار كان في ماضي دفين؛ حيث الإيمان قد يبسط لأيمن ما لم يحققه صوت الآباء والمحيطين  في جلسة شاي صيفية، يستشير الأب فيأتيه الرد من بعض القادمين ،غربة الجهل ولا علم في بلد الجاهلين، سمع الأب الأمر وخاف على الثائر الصغير، واعتقد، وقد يصح اعتقاده أنه بوداع الإبن إلى السوربون، سيكون أول تسرب نحو الأسوإ من سراب الظامئين، حيث الشقراوات يدخلن الوساوس حتى على الرهبان والملائكة الزائرين، وحيث التدخين والحشيش مباح حتى النسوة من المتحضرين، استحضر الأب بقاعة الشاي صورة وجمال ابنه البكر الأمين، فلوح عائدا بلا عناء إلى حيث البقرة والحليب والضأن العجيب والسلة البلدية، والأرض الرافعة بين جبل ووادين،،، شساعة أرض بلاد من طين، رائحة الرمل الممزوجة باليقين، وأخوات ودفء عائلة مكين ...
خاب أمل هذا الكائن الذي لم يهدئ من روعه، سوى ما حمل في جيبه من دراهم ذلك اليوم المشهود لكراء في مدينة تستقبل الناجحين ،،، الوظائف تنادي، لكن المدرسة / الأم خطت كلامها، وعجنت الخبز زمن العبادة والعمل باليدين وقلة النهر والأمر وبالخلق الأصيل، والأمر على كل حال شورى بين الرجال، ولكن الأم كانت تملك رغبة مكللة بالدعوات الصادقة في صمت ، تفتل غرائز هذا الكائن الرهين وتكسوه برعاية الله إلى جامعات المغرب الجديد، فمن رغبة في الفلسفة وهي المادة التي يتشيع لها كل عابث شقي، والتزاما بقرار الصحب النزول إلى الحمراء، هناك حيث ستبصمك الجامعة التي كان مجرد ذكرها قرب مسجد الجبلين؛ يوحي بأن واصلها، قد ركب طوق الأمان، وأن أمر التوظيف، ليس سوى مسألة اختيار ووقت مناسبين ...
نسج الحكايات بالأثر والصحب؛ والقدر من فوق ذلك ،يضحك ملء صدغيه، أن يا ولدي : فتحت الأبواب، وتعددت الأسباب، والأم واحدة : تلك هي مدرسة الحياة ،أفلا تحملك كرهت تسعا، كما تحملك المدرسة تسعا ؟!! أفلا توجهك وحيا كما توجهك المدرسة حقبا ؟؟!!
أنعم بجلستك على كرسي السويداء دأبا على عادتك، ودخن سيجارتك الصفراء، واترك للتاريخ أن ينسج لصنوك شبلا ، فما خاب من خطت له الأم أصلا لانها تنعت بنعت المدرسة الأولى  ....
فهل كنت ستصير غير معلم لو لم تكن أمك مدرستك؟ 
المهم : تقاعد مريح يارفيق !!!