samedi 12 avril 2025
كتاب الرأي

نوفل البعمري: الجزائر بمجلس الأمن: الحقائق التي يخفونها!!

نوفل البعمري: الجزائر بمجلس الأمن: الحقائق التي يخفونها!! نوفل البعمري
منذ أيام والإعلام الجزائري يروج بشكل مُضلل لعملية تعيينه العادية التي تمت بمجلس الأمن التي يقدمها وكأنها "اعتراف أممي بالدور الريادي للدبلوماسية الجزائري"، و"جاءت تتويجًا لمسار دبلوماسي أممي للجزائر" وغيرها من البروباغاندا التي يقدمها إعلام الدول الشمولية كإعلام هذا النظام حتى وصل بهم الأمر لحد تهنئة الجنرال شنقريحة للرئيس الصوري تبون على هذا الذي سموه بهتاناً "بالانتخاب" في مشهد لا يوجد إلا في الأنظمة التي يتحكم فيها العسكر ببنية الدول كما هو حاصل في الجزائر.
 
لم نكن لنتحدث عن الموضوع لولا استغلالهم هذه اللحظة التي اعتبرناها عادية بل هي لاحدث، و قاموا فيها بإقحام   قضية الصحراء بمناسبة هذا التعيين وكأن تواجدهم بمجلس الأمن للسنتين المقبلتين سيجعلهم يعيدون عقارب الملف الأممي لما وراء القرارات الأممية التي تبنت مبادرة الحكم الذاتي مما جعل من ضرورة التفاعل مع هذا الحدث من خلال إبراز بعض الملاحظات من جهة والحقائق من جهة أخرى خاصة ما يتعلق بالربط بين وجود هذا النظام بمجلس الأمن وملف الصحراء ضرورة ملحة سيتم القيام بها من خلال ما يلي:
-ما جرى لم يكن انتخاباً بمعنى وجود تنافس انتخابي  بين دول افريقية أو من شمال القارة على هذا المقعد، بل تم تعيين الجزائر في هذا المنصب انطلاقًا من قاعدة  التناوب التي تم إحداثها كمنهجية بين المجموعة الأفريقية التي قامت  باختيار الجزائر لشغر هذا المقعد الفارغ رفقة سيراليون، إلى جانب ثلاث دول أخرى كل دول تمثل مجموعة قارية أخرى، ولمن تابع العملية برمتها سيلاحظ بأن التنافس الوحيد الذي شهده هذا الحدث هو الذي جرى بين  دولة بيلاروسيا الموالية لروسيا وسلوفينيا الموالية للغرب حيث فازت هذه الأخيرة ب 183 صوت مقابل 83 لصالح بيلاروسيا وكان لانعكاس الحرب الروسية الأوكرانية الوقع السلبي على مجموعتهم مما جعل من مهمة وجود توافق بين دولها أمر مستحيل فتم الدفع بمرشحين لشغر مقعد واحد كل دولة تمثل تكتل إقليمي ودولي، ما عدا ذلك فباقي المجموعات الجغرافية جرى فيها إختيار ممثليها بالتوافق ولم يكن هناك أي تنافس انتخابي أو صراع إقليمي على التمثيلية داخل مجلس الأمن، ويمكن العودة لوقائع الجلسة التي تم نقلها مباشرة على موقع الأمم المتحدة الرسمي ليتم التأكد من الكيفية التي مرت منها العملية ككل، اذ كانت لحظة تم فيها  تعيين الدول  بالتوافق وليس الانتخاب ولم يكن هذا التعيين اعتراف بأي دور دبلوماسي جزائري دولي لم يكن يومًا موجودًا.
 
-الجزائر اختيرت لتمثيل المجموعة الأفريقية للسنتين المقبلتين تبتدئ من فاتح يناير 2024 وتنتهي سنة 2025، لشغر المقعد إلى جانب باقي الدول المشكلة لمجلس الأمن عددها 15 عضوا منها خمسة دائمي العضوية حاملو حق الفيتو وهم الذين يوجهون عمل المجلس ويؤثرون فيه بشكل مباشر ويصنعون القرار داخله، الجزائر هنا لا تحمل غير صوتها الذي ستصوت به في العديد من القضايا من بينها نزاع الصحراء، وهو صوت ميت لا أثر له كما كان لبعض الأصوات المشابهة التي كانت عضوة بمجلس الأمن ولم تستطع أن تُحدث أي أثرٍ في ملف الصحراء على سبيل المثال دولة  جنوب أفريقيا التي كانت تكتفي بأخذ الكلمة لتصريف خطابها المناوئ للمغرب وصوتها الذي لم يكن له أثر في العملية السياسية الأممية هو نفسه ما سيتكرر مع التواجد الجزائري بالمجلس.
 
-حضور الجزائر في مجلس الأمن  مع طرح بعض القضايا والنزاعات الإقليمية والدولية للمناقشة على رأسها الحرب الروسية الأوركرانية ستكون أمام امتحان حقيقي لتخرج من ازدواجية خطابها الذي ظلت تُصَّرفه لحدود اللحظة فهي في العلن مع روسيا وفي السر مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، هذا الدور الازدواجي الذي كانت تلعبه في الخفاء سينتهي وسيكون عليها الاختيار بشكل واضح خندقها و تموقعها الدولي ما بين االحلف الروسي الذي سيؤدي هذا الإختيار إلى إغضاب الغرب خاصة الولايات الامريكية التي يتواجد بها بالضبط الكونغرس أصوات طالبت غير ما مرة بفرض عقوبات دولية على النظام الجزائري، أم ستقف  علنًا مع الغرب مع ما يعني ذلك من  فقدانها لحليفها الذي الروسي ما ما يوفره من غطاء سياسي و متنفس بهذا النظام، في جميع الحالات النظام الجزائري سيطوي  مسلسل الابتزاز الذي ظل يمارسه على أوروبا فيما يتعلق بالغاز إذ لن تقبل الأمم المتحدة من دولة عضوة بمجلس الأمن الاستمرار في اتباع سياسة "قطاع الطرق" في علاقتها بالغرب خاصة اوروبا، إنه التحدي الذي ينتظر هذا النظام و دبلوماسيته !!
 
-حضور الجزائر بمجلس الأمن سيكون مناسبة ليكتشف بل ليتأكد مجلس الأمن من حقيقة ظل المغرب وحلفاءه يرددونها وهي أن هذه الدولة هي الطرف الأساسي في الملف، وليس تنظيم البوليساريو العاجز اليوم عن ضبط مخيمات تندوف بسبب الفوضى التي دخلتها، وسيلاحظ الدول الأعضاء خاصة الدائمين أن هذا النظام هو صاحب المصلحة السياسية الكبرى في الملف، هو من يعرقل جهود مجلس الأمن لطيه، بالتالي سيوضع هذا النظام في مواجهة مباشرة مع الدول الأعضاء خاصة الخمس الدائمي العضوية الذين توافقوا في قرارات سابقة على الكيفية التي سيتم من خلالها طي الملف وإنهاءه.
 
-الحضور الجزائري يجب أن يكون محفز للدبلوماسية المغربية لتضع هذا النظام في عنق الزجاجة الأممية وتضعه أمام مسؤولياته خاصة المرتبطة بالوضع الإنساني والحقوقي داخل مخيمات تندوف، انطلاقا من التراكم الذي تحقق سواء في تقارير الأمناء العامين للأمم المتحدة السابقين والحالي الذين أكدوا في تقاريرهم على طبيعة الوضع داخل المخيمات الآيل للإنفجار الاجتماعي وهي تقارير تعتبر مرجعية في صناعة العملية السياسية الأممية، كما ستضعه أمام مسؤوليته فيما يتعلق بتنفيذ هذا النظام لقرارات مجلس الأمن سواء منها ما يتعلق بإحصاء ساكنة المخيمات أو بالعودة للعملية السياسية وفق مُخرجات جنيف 1 و جنيف 2،أو بتوفير الحماية لساكنة المخيمات خاصة منها حمايته من الجرائم الحقوقية وضد الإنسانية التي تطال النساء و الشباب والعجائز بمخيمات تندوف.
 
-الحضور الجزائري بمجلس الأمن سيكشف عجز هذا النظام في إحداث تغيير وتأثير في الملف بالشكل الذي يدعيه ويروج له، سينكشف عجزه أمام الشعب الجزائري وداخل مخيمات تندوف،فالحضور الميت لهذا النظام داخل المجلس سيبرز عزلته داخل الأمم المتحدة وأنه رغم تواجده بمجلس الأمن لم يستطع إحداث أي تغيير ذي قيمة اعتبارية في مسار العملية السياسية، فمجلس الأمن الذي انطلق في مناقشة ملف الصحراء منذ اتفاق وقف إطلاق النار له رؤيته السياسية في معالجة الملف ولن يتم تغييرها من أجل نظام عسكري عاجز داخلياً و معزول خارجياً،مفتقد للمصداقية السياسية والمؤسساتية أمام المنتظم الدولي،و استطاع فيه الأمم المتحدة ومختلف هيآتها أن تحقق فيه تراكماً إيجابيًا لصالح الطي العادل للملف من خلال تبني المعايير السياسية للحل.
 
كل ما ستقوم به الجزائر داخل مجلس الأمن هو أنها ستعمل بعد التصويت وتبني  مشاريع  قرارات مجلس الأمن التي تُعدها الولايات المتحدة الامريكية هو ستخرج عن الإجماع الدولي  تصويتا وخطابا، ستَبرز بذلك دبلوماسية هذا النظام في مظهر "محام الشيطان" الذي يريد إغراق المنطقة في الفرصة والجريمة العابرة للقارات والحركات الجهادية الإرهابية التي تنتعش من نزاع الصحراء حيث حولت مخيمات تندوف إلى مشتل لها ولصناعة الإرهابيين، هذا الوضع سيخدم المغرب وأطروحته التي  ظل يرافع من أجلها ليس فقط من أجل الطي النهائي لهذا النزاع بل من ضمان أمن المنطقة واستقرارها.
 
إن تعيين النظام الجزائري لم يكن لنلتفت له لا بالتناول ولا بالقراءة  نظرا لكون جل الملاحظين اعتبروه بمثابة  اللاحدث، ولولا اتجاه هذا النظام الى اقحام قضية الصحراء في الموضوع والتعبير عن مواقف لم يكن مناسبًا الحديث عنها في هكذا مناسبة لما خصصنا مقال هذا الأسبوع لهذا اللاحدث، خاصة وأن الأمر يتعلق باختيار عادي تناوبي للدول التي تمثل المجموعة الأفريقية وهي عملية دورية اختيرت كمنهجية داخل العديد من المجموعات القارية والجغرافية على رأسها المجموعة الإفريقية، لا تُقاس كما إدعى النظام الجزائري بقياس القوة الدبلوماسية، لا هذا التعيين  تعبيراً عن وجود أي دور كبير لهذا النظام لا في المنطقة ولا في العالم،و بيننا و بينه القرارات الأممية التي ستصدر انطلاقا من سنة 2024 فيما يتعلق بقضية الصحراء لتنكشف حقيقته وزيف خطابه، وستكون مناسبة لقياس حقيقة حجم التواجد الجزائري بمجلس الأمن،و هو رهان بيننا و بين هذا النظام.