samedi 19 avril 2025
اقتصاد

ٍٍعائشة العلوي: استيراد الأغنام.. عنوان فشل المخطط الأخضر

ٍٍعائشة العلوي: استيراد الأغنام.. عنوان فشل المخطط الأخضر ٍٍعائشة العلوي وصورة لأغنام اسبانيا
بالنسبة‭ ‬للمغرب‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬عدّة‭ ‬لما‭ ‬حصل‭ ‬ويحصل،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنة‭ ‬المغرب‭ ‬بدول‭ ‬إسبانيا‭ ‬ورومانيا‭. ‬فمشكل‭ ‬المغرب‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬امتداد‭ ‬لسياسة‭ ‬طبّقت‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬فالدولة‭ ‬تواجهها‭ ‬تحديات‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬حاجاتها‭ ‬من‭ ‬اللحوم،‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬وغيره،‭ ‬بسبب‭ ‬ارتباطه‭ ‬بعوامل‭ ‬عدّة‭ ‬وقدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬هذا‭ ‬الطلب،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬والعرض‭ ‬(الإنتاج)‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مع‭ ‬معطى‭ ‬يرتبط‭ ‬بتفضيل‭ ‬المغربي‭ ‬للمنتوج‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬المستورد‭.‬
فهناك‭ ‬عوامل‭ ‬تتعلق‭ ‬بتفضيل‭ ‬الاستهلاك‭ ‬المحلي‭ ‬لبعض‭ ‬السلالات‭ ‬المستوردة‭ ‬أو‭ ‬المنخفضة‭ ‬التكلفة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان،  ‬وهي‭ ‬عوامل‭ ‬تعكس‭ ‬الموضوعية‭ ‬في‭ ‬التقدير‭.‬

وأظن‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يشكو‭ ‬مشكلات‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتلبية‭ ‬حاجات‭ ‬من‭ ‬الأغنام،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬مرتبط‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وتأُثيرها‭ ‬على‭ ‬الزراعات‭ ‬المحلية،‭ ‬وثانيها‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬اللحوم،‭ ‬والتغيير‭ ‬في‭ ‬نمط‭ ‬الاستهلاك‭. ‬وهذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬العدد‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬الأغنام‭.‬
‮ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬نهجها‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬المواشي‭ ‬والأغنام‭ ‬وغيرها‭. ‬فالمغرب‭ ‬مهدد‭ ‬في‭ ‬أمنه‭ ‬الغذائي‭ ‬بسبب‭ ‬نهجه‭ ‬سياسة‭ ‬لم‭ ‬تراعي‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬بجديد‭. ‬فهناك‭ ‬دراسات‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬أفريقيا‭ ‬مهددة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭. ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬زمني‭. ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأجدر‭ ‬نهج‭ ‬سياسات‭ ‬استباقية‭ ‬تهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والسيادة‭ ‬الغذائية،‭ ‬بدل‭ ‬سياسة‭ ‬تسويقية‭ ‬متجهة‮ ‬‭ ‬“معظمها“‭ ‬نحو‭ ‬الأسواق‭ ‬الخارجية‭.‬

للأسف،‭ ‬لقد‭ ‬ساهمت‭ ‬السياسة‭ ‬المنتهجة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬استنزاف‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬والسيادة‭ ‬الغذائية‭ ‬للمغرب‭. ‬وهذا‭ ‬خطير‭ ‬جدا‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السلالات‭ ‬المحلية‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها،‭ ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأجدر‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬معقولة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬العدد‭ ‬الكافي‭ ‬طيلة‭ ‬السنة؛‭ ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬التعامل‭ ‬بعشوائية‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الفلاحية‭ ‬بالمغرب‭. ‬للأسف،‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬الغيرة‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬التسيير‭ ‬والتخطيط؛‭ ‬فالغيرة‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬ليست‭ ‬شعارات،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مرتبط‭ ‬بالتفكير‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬البلد‭ ‬وفي‭ ‬أمنه‭ ‬الغذائي؛‭ ‬فالسياسات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬لا‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭. ‬على‭ ‬الدّولة‭ ‬نهج‭ ‬سياسة‭ ‬ناجعة‭ ‬لتحقيقها‭.‬

ومع‭ ‬تبنّي‭ ‬سياسات‭ ‬مخطط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر،‭ ‬فإن‭ ‬الفئة‭ ‬المستفيدة‭ ‬هم‭ ‬الفلاحون‭ ‬الكبار‭ ‬المتوجّهون‭ ‬للتّصدير،‭ ‬فيما‭ ‬الفلاّح‭ ‬الصغير‭ ‬المنتج‭ ‬الذي‭ ‬يلبي‭ ‬الطلب‭ ‬الداخلي،‭ ‬وهو‭ ‬اللصيق‭ ‬بالمتطلبات‭ ‬الداخلية،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التفكير‭ ‬فيه‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬منحه‭ ‬المساعدة‭ ‬والدعم‭ ‬المطلوبين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬منتجاته‭ ‬الحيوانية‭ ‬والزّراعية‭ ‬المحلية‭. ‬وهكذا‭ ‬نلاحظ‭ ‬ارتفاع‭ ‬إنتاجية‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬تستنزف‭ ‬التربة‭ ‬والمياه،‭ ‬وازدياد‭ ‬أعداد‭ ‬المواشي‭ ‬والأغنام‭ ‬المستوردة،‭ ‬والتي‭ ‬عوضت‭ ‬المنتوجات‭ ‬المحلية،‭ ‬وفي‭ ‬معظمها‭ ‬لا‭ ‬تضمن‭ ‬الأمن‭ ‬والسيادة‭ ‬الغذائية‭ ‬للمغرب‭. ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬انعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬أغنامنا‭ ‬ومواشينا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬استبدالها‭ ‬بأغنام‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬إنتاجية،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تراعي‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬للمناطق‭ ‬المغربية‭. ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬تشجيع‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬وتطوير‭ ‬إنتاجية‭ ‬الأغنام‭ ‬والمواشي‭ ‬من‭ ‬السلالات‭ ‬المحلية،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬نفقاتها‭ ‬(العلف‭...‬)‭ ‬أقل،‭ ‬وذات‭ ‬جودة‭ ‬كبيرة‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬تطويرها،‭ ‬ولما‭ ‬لا‭ ‬تصديرها‭.‬

فالمغرب‭ ‬مهدّد‭ ‬تهديدا‭ ‬حقيقيا‭ ‬في‭ ‬أمنه‭ ‬وسيادته‭ ‬الغذائية‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نتدارك‭ ‬الأمر،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬السياسات‭ ‬الفلاحية‭ ‬غير‭ ‬الملائمة‭ ‬التي‭ ‬قلّلت‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الأغنام‭ ‬والمواشي‭ ‬المحلية‭ ‬وفاقمت‭ ‬معاناة‭ ‬الفلاحين‭ ‬الصغار‭ ‬الذين‭ ‬يأملون‭ ‬تأمين‭ ‬عيشهم‭ ‬وتحقيق‭ ‬دخل‭ ‬لكرامتهم‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬الفلاحين‭ ‬الصغار‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يساهمون‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬تلبية‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬للمغاربة‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬انتاجيتهم‭ ‬(الزّراعية‭ ‬والحيوانية)‭ ‬متجهة‭ ‬نحو‭ ‬الأسواق‭ ‬الداخلية‭.‬‬
 
عائشة العلوي، خبيرة اقتصادية