lundi 21 avril 2025
كتاب الرأي

الموساوي: مونديال المغاربة .. "فرسان الميدان.. وحصان طروادة"

الموساوي: مونديال المغاربة .. "فرسان الميدان.. وحصان طروادة" عتيقة الموساوي
أعترف أنني لست من هواة كرة القدم ولست أعيش في كوكب آخر، رغم أن بداياتي كانت مع صحف رياضية لسنوات خلت..، ما يجمعنا اليوم هو أننا جميعنا عاش على وقع ملحمة صنعها فرسان المغرب وابتهجوا بفخرها، فرسان مسلحين بنية الإيمان والنية الصادقة في قلعة الصمود الأندلسية، خاضوا مباراة لكرة القدم أشبه بمعركة الفاتحين أحفاد طارق بن زياد بلا سيوف ولا رماح فصنعوا أنصع صفحات التاريخ الرياضي بشرف الانتماء للوطن العربي وإفريقيا والأمة الإسلامية، سحقوا في طريقهم أخطر الفرق الكروية ذات التاريخ الماجد، كرواتيا، كندا، بلجيكا، إسبانيا، والبرتغال، وكادوا يجهزون على ديوك فرنسا ومن ورائهم رأس الأرجنتين لولم تتغير المعادلة بخدعة حصان طروادة .
تلك  الأسطورة سواء كانت حقيقة أم خيال فهي بالتحديد نموذجا للحكاية الرمز و قصة المجاز لمفهوم الخير أو الشر، تروي الأسطورة أن حصار الإغريق لمدينة طروادة دام عشر سنوات، فابتدع الإغريق حيلة بناء حصاناً خشبياً ضخماً أجوفا تحت إشراف إبيوس في ثلاثة أيام. ومُلئ بالمحاربين الإغريق بقيادة أوديسيوس، أما بقية الجيش فظهر كأنه رحل بينما في الواقع كان يختبئ وراء تيندوس، وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام ليتم اختراق المدينة المحصنة في نهاية المطاف، وما آلت إليه القصة من بناء الحصان ملحمةً خلَّدها التاريخ، ما زالت تتناقلها الأعمال الكلاسيكية حتى يومنا هذا كفكرة في منتهى الذكاء والدهاء، أصبحت الصورة المجازية للخدع أكثر من كونها وسيلة حقيقية استخدمت في الاختراق، لكن، مهما كان من أمر حصان طروادة وحقيقته، فمكانته في التاريخ لا يمكن إنكارها كما في الاسطورة، كان سببا في دمار مدينة ودكا لحصونها. 
والأغلب أنّ واقعة طروادة أقدم، لكنّ الحيل متشابهة في الحرب والسياسة وحتى الرياضة، ويزعمون أنّ التاريخ يكرّر نفسَه، في ساحة الإرادة والتباري بالشرف كان لصوت أسود الأطلس في مونديال العرب زئير هز العالم بصلابة وقوة،  رفعوا سقف الطموح الى سدة الكاس الذهبية ، شكلوا حصن المونديال بامتياز للمغرب وإفريقيا والعرب .. وهو ضرب من الجنون، ولكنه واقع بصلابة الدفاع وعظمة التكتيك والهجوم. أثبت الأسود أنهم الأفضل على مستوى العالم في المربع الذهب.. مفاجئة ذوت لم يستسغها كبار الفيفا، وحتى حين درفت عين الأسطورة البرتغالي رونالدو الدموع..، فالأسود لم ترحم أروبا وكبرياءها، وكان الزحف سيتواصل بلا هوادة لو لم تشيع نظرية المؤامرة التي هزت أركان المباراة ما قبل الأخيرة بنصف النهاية، هزت مشاعرنا كمتابعين على المستوى النفسي بغضب خفيف واحباط عام من النتيجة المرتقبة.
خدعة حصان طروادة بدت كأنها طردت المنافسة الشريفة، وداست بأقدام  المتواطئ وتقنيات إدارة تحكيمية متحيزة، وآلية فار معطلة وأخطاء بالجملة لإرضاء كبرياء صانعي الفيفا في ظلم واضح للاعبين وسط الميدان والجمهور الذي انتصر لوحدة الدين والهوية والتاريخ،  وأحسن تعبير من قال المؤامرة بصيغة الاتفاق والاستعلاء والدونية للآخر … اتجاه قوى عدم الرضى بندية هذا المستصغر، وهو المشكل النفسي لسياق الهزيمة…
هكذا تحوّل الحصان الخشبي مع الزمان برياح سياسة الأغراء ات والتضليل الاعلامي التواطئي، حقيقة تبدّت جيداً خلال المونديال القطري الذي أخرجوه من أتون الرياضة إلى دهاليز السياسة، فأصبح المونديال حلبةً لصراع الحضارات والإسلاموفوبيا الإعلامية. 
في قصة طروادة عبرة، تبين لي بشكل جيد ومنطقي، كُسر حصار عشر سنوات بالحصان الخشبي الشهير، اليوم نحن نعيش في فضاء تحت سماء ” مفتوحة ” بتقنيات الكترونية صعبة، ولا أحد يقدر أن يكذب دائما أو يواصل مسيرة كذب دون أن تنكشف الخبايا و تفتضح الأمور. 
حتى ذاك الشعور بالغبن وعدم تقبل نتيجة المباراة بالرتبة الرابعة هو بدوره مشتق من تحول في العقلية المغربية الذي مارسه المدرب وليد الركراكي على فريقه وفي إشعاع عام على المغاربة حين قال أن التاريخ لا يحتفظ إلا بالمنتصرين.. وأننا في قطر من أجل الفوز لا المشاركة، ولهذا فإنني أكاد أجزم بأنّ كُل واحدٍ منا نحن المَدِينين لمونديال قطر، سوف يكون مونديال بحد ذاته، من خلال تمسّكه بالانتصار للثقافة العربية والهوية الإسلامية، تماما كما تعلّمنا منها وفيها، ويكفينا فخرا شهادة صحيفة نيويورك تايمز بالقول حتى لو فازت فرنسا أو الأرجنتين سيكون مونديال العرب في قطر هو مونديال المغاربة بامتياز، وهذا فخر ..
في قطر نجحنا وصنعنا المجد، كما نجحت قطر نجاحاً مُبهراً في إصرارها على التمسك بالقيم والثوابت العربية والإسلامية، أمام سيلٍ عارمٍ من الانتقادات، وذهبت أبعد من ذلك حين ألزمت الجميع بضرورة احترام ثقافة البلد المُستضيف، ولم تتذبذب أمام العنجهية الأوروبية من خلال التمسّك بالثقافة العربية والإسلامية، درس يسجله التاريخ للذكرى وللعبرة ولأشياء أخرى قد تفيد الأجيال القادمة، في مختلف المواقع والمجالات، بمختلف بقاع العالم، وخاصة في دول العالم الثالث، تلك الدول التي تمنى النفس بأن تعي أهمية دعم الكفاءات وتقديرها قبل أن تتاح لها فرص أخرى للنجاح خارج أرض الأوطان.
ولنا في الموضوع عودة، مع التحية.