يوضح عبد المنعم مجد، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض يمراكش، أبرز التوجهات الضريبية للسنة المالية ، وذلك تنزيلا لمقتضيات القانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالقانون الإطار للإصلاح الجبائي. ويشرح محاورنا وهو يشغل رئيس القطب المغربي للدراسات والأبحاث الإستراتيجية، وجهة نظره حول الحصيلة الأولية لعملية التسوية الطوعية لسنة 2024.
ماهي قراءتك للإصلاحات الضريبية المرتبطة بالضريبة على الدخل؟
عمل المشرع المالي تنزيلا لمقتضيات القانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالقانون الإطار للإصلاح الجبائي على محاولة مواصلة تنزيل الإصلاحات المتعلقة بالضريبة على الدخل حيث ركز المشرع الضريبي بشكل واضح تعديلاته الضريبية على الشق المتعلق بالضريبية على الدخل، بداية بمراجعة الجدول التصاعدي الوارد في المادة 73 من المدونة العامة للضرائب حيث تم خفض نسبة 38 في المئة إلى نسبة 37 في المئة، والأكيد أن هذا النقصان سيمثل بطريقة غير مباشرة زيادة في الدخل. ولكن يبقى السؤال المطروح بحدة هو هل المشرع له تصور اقتصادي لتوجيه هذه الزيادة نحو الادخار أو الاستثمار الخاص أم أن هذه الزيادة ستصرف في الاستهلاك، وبالتالي زيادة في وعاء الضريبة على القيمة المضافة بطريقة غير مباشرة.
كذلك تم الرفع من مبلغ الخصم الضريبي الوارد في المادة 74 من المدونة العامة للضرائب من مبلغ 360 درهم عن كل فرد في حدود 6 أشخاص وفق شروط محددة، ليصل مبلغ هذا الخصم إلى 500 درهم، إضافة إلى مجموعة من الإعفاءات والتي تبقى أهمها إعفاء الأجور التي تدفعها تمثيليات المؤسسات المنضوية تحث لواء الاتحاد الدولي لكرة القدم لمستخدميها ربما تماشيا مع ورش تنظيم كأس العالم بالمغرب.
كيف سيتم الحفاظ على مداخيل الضريبة على الدخل في ظل هذه التعديلات؟
الأكيد أن خفض نسبة الضريبة على الدخل والرفع من مبلغ الخصوم ومنع إعفاءات إضافية تتعلق بالضريبة على الدخل، سيفهم منه أننا سنكون بصدد الحديث عن تراجع في المداخيل المتعلقة بالضريبة على الدخل، و لكن واقع الأمر أن هناك مقاربة تقنية لتفادي هذا الطرح. والأمر يروم بكل بساطة العمل على توسيع وعاء هذا الصنف من الضرائب حيث عمل المشرع على توسيع دائرة أنواع الدخول الخاضعة للضريبة على الدخل بتتميمه لمقتضيات المادة 22 من المدونة العامة للضرائب من خلال إضافة ما سمي تشريعيا بالدخول والمكاسب الأخرى والمتعلقة أساسا بالدخول المتأتية عن ألعاب الحظ، إضافة إلى تضريب واقعة نزع ملكية العقارات أو الحقوق العينية العقارية جراء الاعتداء المادي. والأكيد أن هذه الإجراءات ستطرح مجموعة من الإشكالات المتعلقة بالسلطة التقديرية للإدارة في تحديد الدخول والمكاسب الأخرى ومدى عدالة تضريب واقعة الاعتداء المادي من عدمه.
ماذا عن الضريبة على القيمة المضافة والضريبية على الشركات؟
كما سبق وقلنا على أن هذا القانون المالي السنوي ركز بشكل كبير على التعديلات الضريبية المتعلقة بالضريبية على الدخل، أما ما يتعلق بالضريبية على القيمة المضافة فالمشرع حافظ إلى حد كبير على تصوره في اتجاه تقنين وتوحيد الأسعار المضربة للشركات والضريبة على القيمة المضافة، مع التركيز على تشجيع مناطق التسريع الصناعي والمقاولات المشتغلة في مجال الابتكار خاصة في المجالات الإستراتيجية كالطاقة والصناعات التحويلية.
كما تخضع وجوبا للضريبة على الشركات المجموعات ذات النفع الاقتصادي المؤطرة بالقانون رقم 13.97 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.99.12 بتاريخ 5 فبراير 1999.
وفي نفس الإطار المتعلق بهذا النوع من الشركات تم تتميم المقتضيات المتعلقة بالمادة 26 من المدونة العامة الضرائب حيت تم إدراج وجوب اعتبار نصيب أو نتيجة استغلال المال المشاع أو هذه المجموعات ذات النفع الاقتصادي من أجل تحديد مجموع الدخل الخاضع للضريبة المتعلق بالأشخاص الذاتيين الشركاء في بعض الشركات أو الأموال المشاعة.
ما رأيك بخصوص عملية التسوية الضريبية الطوعية لسنة 2024؟
تضمن قانون مالية 4 هذا المقتضى إضافة إلى مقتضيات أخرى تتعلق أساسا: بالتسوية المتعلقة بعوارض الشيك، التسوية المرتبطة بالموجودات التي تم تأسيسها خارج التراب الوطني.
بغض النظر عن بعض المغالطات التي شابت هذا المقتضى في متم السنة الماضية، في ظل غياب أي خروج رسمي للتوضيح فهناك حديث عن بعض الأرقام المتعلقة بالمداخيل المتأتية من جراء هذه التسوية. ومرة أخرى وفي غياب أرقام رسمية (أنجز الحوار قبل كشف الحكومة لحصيلة التسوية الضريبية - المحرر) يبقى الأساسي في نظرنا هو قراءة هذه الأرقام بتقاطع مع مرتكزات أساسية تتعلق بالثقة بين المواطن والإدارة التي تعتبر كذلك أحد أولويات القانون الإطار السالف الذكر، وتصور تشاركي للمؤسسات المتدخلة في كيفية التعامل البنيوي، في إطار التقائية التفكير المالي والضريبي والاقتصادي والاجتماعي من أجل توجيه هذا الاقتصاد الغير المهيكل الذي يحرم الخزينة من موارد مالية.