خبير اقتصادي: فشل صندوق المقاصة سببه عدم التفرقة بين المواطن العادي والمقاولات

خبير اقتصادي: فشل صندوق المقاصة سببه عدم التفرقة بين المواطن العادي والمقاولات خالد بنعلي، الخبير الاقتصادي الدولي

أكد على أن صندوق المقاصة لم ينجح في تحقيق الأهداف المسطرة له، وشدد في حوار مع جريدة "الوطن الآن" على ضرورة معالجة قصور هذه المنظومة مع الأخذ بعين الاعتبار الفرق بين استفادة المواطن العادي والمقاولات من صندوق المقاصة، كما ذكَر تجارب دولية مقارنة في هذا الإطار... وفي ما يلي نص الحوار.

 

لماذا تم إحداث صندوق المقاصة. وهل استطاع تحقيق الأهداف المسطرة له؟

تم إحداث صندوق المقاصة للحفاظ على أسعار بعض المواد الأساسية، للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، ضمان تموين الأسواق بالمواد الأساسية. وإذا كانت هذه هي الأسباب التي أُحدث من أجلها، يبقى السؤال المطروح هل يساهم صندوق المقاصة حاليا في استقرار الأسعار، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وتنمية مجموعة من القطاعات، الجواب بطبيعة الحال، "لا"، ليس هناك أي استقرار للأسعار، ولا استقرار في القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي الأسباب، والأهداف التي من أجلها تم إحداث صندوق المقاصة لم تتحقق.

 

 في هذا الإطار، هل قصور صندوق المقاصة في تحقيق الأهداف يتعلق بأسباب ونتائج داخلية أو خارجية؟

كيفما كانت الأسباب التي من أجلها تم إحداث صندوق المقاصة، أمام التضخم، وضعف التساقطات المطرية في المغرب، يلاحظ أن استمرار ارتفاع الأسعار سيستمر، وربما لن تستطيع مجموعة من الفئات المجتمعية الولوج للسوق بسهولةومن هذا المنطلق، ما صار مطروحا اليوم وبشكل ملح، ضرورة إصلاح صندوق المقاصة، لاسيما وأن الحكومة في إطار تنزيل ركائز الدولة الاجتماعية، بادرت تحت رعاية الملك محمد السادس، إلى إقرار الدعم المباشر للفئات الهشة، وللأطفال في وضعية هشة في سن التمدرس، والأطفال في حالة إعاقة، ومن يتجاوز من هذه الفئة من المجتمع 21 سنة، والتي ليس لها أطفال، ومن يعيل المسنين.

اليوم، مع إقرار الدعم المباشر، هل لازال صندوق المقاصة يلعب الدور المنوط له، هنا سنتوقف عند ما يسمى بالطبقة المتوسطة، فإذا كانت الفئات الهشة ستمنح دعما سيغطي الارتفاع الذي تعرفه الأسعار، يبقى الإشكال في الفئات المجتمعية التي تُحسب على الطبقة المتوسطة، كيف ستستفيد من الإصلاح الذي يعرفه صندوق المقاصةالإشكال الثاني المطروح، هو أن صندوق المقاصة اليوم، صار يقتصر فقط على أربعة مواد، وبالتالي كلما أثير ورش إصلاح صندوق المقاصة، تٌثار إشكاليات القدرة الشرائية، وحماية جيوب المواطنين، وبالتالي أصبحنا أمام حقوق مكتسبة للجميع، علما بأن صندوق المقاصة بنظامه الحالي، هو لفائدة من يستفيد أكثر، وأقصد هنا، من يستهلك تلك المواد المدعمة بشكل كبير، هو المستفيد الأكبروبالتالي فالمنظومة الحالي لا تفرق بين فاعلين اقتصاديين أساسيين، ويتعلق الأمر بالمستهلك، والمقاولة المنتجة، هل من المعقول أن يتم اقتناء قنينة الغاز، أو كيلوغرامات من السكر، أو الدقيق المدعم بنفس الثمن، سواء للمستهلك العادي، أو المقاولات، علما بأن لهذه الأخيرة إمكانية إدراجها ضمن التحملات، وأن تجعلها ضمن الخصومات حين احتساب الضريبة على الأرباح، بينما المواطن، يتحمل الضريبة على القيمة المضافة، في حين يشتري نفس المنتوج بنفس الثمنوبالتالي المنظومة الحالية هي لفائدة الفئات التي تستهلك أكثر.

 

أمام هذا الوضع ما هو الحل ؟

يبدو أن إصلاح صندوق المقاصة ضرورة اليوم، أكيد لا يمكن أن نقدم الدعم للفئات الهشة، وأن يستمر هذا الصندوق في منظومة متوازنة، وبالتالي لابد من إعادة النظر في التركيبة الحالية من خلال التمييز اليوم بين المقاولات، والمستهلك الحالي، لا بد من إيجاد آلية تقنية تمكن المواطنين لاسيما الطبقة المتوسطة من التماشي مع القرارات الجديدة  لصندوق المقاصة، من خلال سن عدد من الإجراءات من قبيل الزيادة في الأجور، ومناقشة الإمكانيات المتاحة لإيقاف سيل الزيادات في الأسعار، وإيجاد بدائل جديدة لصندوق المقاصة من خلال إحداث الضريبة عن الثروة، أو ضريبة إضافية للقطاعات التي تستهلك بشكل كبير المواد التي تستهلك المواد المدعمة من صندوق المقاصة، فقرار زيادة 10 دراهم لقنينة الغاز على مدار ثلاث سنوات ليصل ثمنها إلى 70 درهما نجد أن المستهلك سيقتني هذه القنينة بنفس الثمن التي تقتنيها به المقاولات، هذا في الوقت الذي تستطيع المقاولات دمج ذلك في دفتر تحملاتها حين احتساب الضريبة على القيمة الأرباح.

يجب اليوم أن نتحلى بالعقلانية في المعالجة، استمرار صندوق المقاصة بشكله الحالي لا يفيد أحدا، بل يفيد المقالات والفئات التي تستهلك تلك المواد المدعمة بكميات كبيرة، فيما يتطلب ارتفاع الأسعار معاجلة شاملة بعيدا عن صندوق المقاصة، من قبيل ذلك ارتفاع أسعار المحروقات.

 

ماهي تجارب الدول الأخرى لدعم ذوي الدخل المحدود؟

بداية يجب التأكيد على أن التوفر على منظومة الحماية اجتماعية سيساهم في الحد من آثار المخاطر الاجتماعية، والفقر، والهشاشة، ويضمن العيش الكريم والكرامة للمواطن. ومن هنا تكمن أهمية الورش المتعلق بالحماية الاجتماعية الذي أطلق سنة 2021، برعاية الملك محمد السادس. لابد من الإشارة على أن التأخر في وضع ميكانيزمات الحد من المخاطر الاجبارية، أثبتت التجارب الدولية تكلفته الغالية، والأزمة الصحية كوفيد 19 خير دليل على ذلك. ومن هذا المنطلق، سنعرج إلى الحديث عن السياسات الدولية في مجال الإدماج الاجتماعي، حيث تهدف إلى حماية المجتمعات من مخاطر الفقر والهشاشة، وضمان استقلالية هذه الفئات، الأمر الذي يقتضي أولا وضع منظومة اجتماعية، واقتصادية تهدف إلى تحقيق نمو، يتم عكسه أوتوماتيكيا على الساكنة من خلال سياسات تنموية دامجة. وفي التجارب الدولية المقارنة، نرى أن تجربة البرازيل ودول أمريكا اللاتينية المتعلقة بالتضامن، والاقتصاد الاجتماعي التضامني، تبقى تجربة ناجحة للحد من الهشاشة والفقر، والدعم المباشر للمواطنين.

وبالنسبة للدول المتقدمة، النموذج الناجح في الحماية الاجتماعية كصمام أمان للمجتمع، وكنموذج، فرنسا، وإسبانيا يرصدان مجموعة من التعويضات الاجتماعية، يتم منحها للساكنة، في شكل إعانات للطلبة في السلك الجامعي، التعويضات العائلية، إعانة الأسر المحتاجة لذلك، بمعنى ليس هناك دعما بمفهوم صندوق المقاصة المغربي، بل هناك منظومة اجتماعية كبيرة، تتضمن تعويضات مختلفة، ومنسجمة.

اليوم، مع ما يعيشه العالم في الظرفية الحالية، نلاحظ أن العديد من الدول أسست لإجراءات إضافية من أجل الحد من تداعيات ارتفاع الأسعار، وارتفاع المحروقات على المواطنين، بل هناك من الدول من عملت على تخفيض الضريبة على القيمة المضافة، دول كفرنسا عملت على تخفيض لبنزين على مستوى محطات الوقود..