حسن جبوري: هل من منقذ لمدينة مكناس من التردي الحاصل على كل المستويات ؟!

حسن جبوري: هل من منقذ لمدينة مكناس من التردي الحاصل على كل المستويات ؟! حسن جبوري
تميزت دورة أكتوبر العادية للجماعة الترابية بمكناس بأجواء مشحونة بين أعضاء المجلس بحيث من خلال تتبع مجريات المداخلات والردود يتجلى الخلط بين مواقع بعض المستشارين أغلبية ومعارضة مما يشكل صورة هجينة عن ضعف الوضوح السياسي بين جل المستشارين الشيء الذي انعكس سلبا على المسك التدبيري الذي يتخبط فيه المجلس الترابي بسبب الانحصار الذي عطل التنمية لمدة تفوق حولين كاملين بالإضافة الى عدم ترتيب البيت الداخلي لرئيس المجلس الذي لم يتمكن هو واغلبيته من وضع مدينة مكناس على سكة التنمية التي أهدرت جراء الصراعات وبضبابية الرؤى والبرامج التنموية التي تخرج مدينة مكناس من واقع التردي الذي طالها تأهيليا في مجالات البنى التحتية والفضاءات الخضراء والإنارة العمومية والنظافة ومعضلة احتلال الملك العمومي والاختناق المروري بسبب ضيق المسارات الطرقية وانعدام المرائب التحت أرضية بالمدينة بالإضافة إلى المشاكل المرتبطة بالأمن والتشغيل والبيئة والنقل الحضري العمومي.
مشاكل وقضايا وأزمات مدينة مكناس المركبة تظل بعيدة كل البعد عن الارساء الآني والحقيقي لتوجه استعجالي من طرف مكونات المجلس لتدارك ما أفسد بمدينة مكناس منذ بداية 2009 للخروج من نفق التردي والعبث التدبيري للمجالس المتعاقبة الى الآن والتي راكمت الإخفاقات تلو الاخفاقات مما أهدر الزمن التنموي لمدينة لا تستحق كل هذا الإهمال والتهميش.
دورة أكتوبر 2023 تميزت بتبادل الاتهامات بين بعض مكونات المجلس خصوصا في القضايا المرتبطة بالرخص والنظافة والرياضة والتفويتات والمداخيل الجبائية والتهيئة بحيث تم وصف بعض المستشارين بالسماسرة والى التهديد بكشف المستور عن كل التجاوزات التي تطال هدر المال العام والمسك التدبيري داخل المجلس خصوصا على مستوى التوجه لتفويت ممتلكات المجلس (مسبح السلم نموذجا) والذي كان من منجزات فترة المسك التدبيري لمجلس المدينة من طرف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي أرسى نموذجا تدبيريا لازالت ساكنة المدينة تعتبره نموذجا يجب الاحتذاء به على كل المستويات.
وتظل مسألة مقاضاة مكتب المجلس لمواطنين عبروا عن آرائهم الانتقادية ضد الاختلالات الحاصلة على المستوى التدبيري دلالة كبرى عن فشل الرئيس وحوارييه باعتبار النقد وإبداء الرأي ومعارضة سياسة المجلس خروجا عن الوقار اللازم تجاهه برغم سياساته الفاشلة والمتجاوزة على كل المستويات والتي أضحت وبالا على المدينة علما بأن انتقاد المسار التدبيري للمجلس يعتبر من أبجديات الممارسة الديمقراطية المؤطرة للعمل السياسي على كل المسارات فقرار مقاضاة بعض المواطنين يعد تجاوزا ونموذجا ومدخلا لتكميم الأفواه والاستئثار بالرأي الانفرادي والأوحد.
إجمالا تظل دورة أكتوبر 2023 مثالا صارخا عن التدبير الفاشل لمجلس لم يتوفق في إرساء أسس تنمية حقيقية بمدينة مكناس التي لا تستحق كل هذا العبث التدبيري الذي يضرب في العمق أسس الممارسة الديمقراطية المحققة للتنمية والانطلاق نحو المستقبل كباقي مدن الجوار بسبب ارتهان حاضر المدينة ومستقبلها للمجهول والابتعاد عن تطلعات الساكنة المكناسية التي اكتوت بالشعارات الانتخابية الجوفاء التي مطرقة بها عبر شعار " تستاهلوا أحسن" الذي اعتمد كشعار للائحة الانتخابية لرئيس المجلس.
فهل من منقذ لمدينة مكناس من التردي الحاصل على كل المستويات خصوصا فيما يتعلق بغياب تصور تنموي حقيقي تجاه المشاكل التي تتخبط فيها المدينة على أكثر من مستوى بسبب الافتقار للفعالية والحكامة واعتماد أسلوب المزايدات اللغوية والاتهامات المبطنة المتبادلة بين الأعضاء والافتقار الى قوة و حجية المداخلات التي يغلب عليها طابع التجزيء والشخصنة والابتعاد عن جوهر المشاكل الهيكلية التي تغوص فيها العاصمة الإسماعيلية، خصوصا وان لغة التخاطب والحوار الموظفة بين بعض أعضاء المجلس على مستوى النقاشات الدائرة يغلب عليها أسلوب الغوغائية والسطحية والتي أضحت حديث الخاص والعام بالشارع المكناسي الذي طفح كيله بسبب ما آلت اليه الأوضاع بمدينة لا تستحق كل هذا الهدر التنموي.
وتبقى صورة التميز الوحيدة إبان الدورة هي المداخلة القيمة والهادئة والعميقة المرتكزة على الاحصائيات والمعطيات والأدلة التي طرحها الدكتور محمد القدوري المستشار المنتمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتي ارتكز فيها على الواقعية أسلوبا وعلى النقد البناء ممارسة بعيدا عن المغالطات والمزايدات المبخسة للأدوار المنوطة بالمستشارين داخل المجالس الترابية معززا مداخلته بالمقارنة بين الجماعة الترابية لمدينة تطوان وما هو حاصل بمدينة مكناس على مستوى رسوم ومداخيل وكلاء البيع بسوق الجملة للخضر والفواكه مما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الموضوع بالإضافة الى نقائص مشروع الميزانية المفتقد للشفافية والمصداقية بسبب التعويم وحجب الاطلاع عن مقرر الميزانية عن المستشارين مما يضع رئيس المجلس ومكتبه المسير امام مسؤولية القفز على بنود القانون التنظيمي 113.14 الخاص بالجماعات الترابية.