خليل مجدي: هل أزفت نهاية الجمهورية الخامسة؟ 

خليل مجدي: هل أزفت نهاية الجمهورية الخامسة؟  خليل مجدي
الأحداث المؤسفة التي تقع في فرنسا تجعلنا نطرح أكثر من سؤال، بداية بحادث قتل الشاب الفرنسي، بحيث لم نشهد أي تحرك لمنظمات حقوق الإنسان، كما هو معتاد. يبدو أن هذه المنظمات لا تتحرك إلا اتجاه الدول المستعصية على فرنسا، أو التي لا تنصاع لتنفيذ رغبات فرنسا وعدم مراعاة مصالحها. 
للإنصاف، فإن عددا من المتظاهرين كان من القاصرين الجزائريين المخربين المدفوعين من أطراف ربما تكون معروفة. 
كيف تعاطى الإعلام الفرنسي مع هذه الأحداث؟ هل يركز على انتهاك الحقوق؟ أم أنه ينقل بأمانة العنف الذي يتعرض له المتظاهرون من طرف قوات الأمن؟ 
لا ريب أن عنف المتظاهرين شيء مرفوض وخصوصا التخريب والنهب. التدخل الأمني يجب أن يكون متناسبا مع الخطر المفترض. 
  
هل الرئيس ماكرون أصيب بلعنة، جراء اتخاذ قرارات ضد رغبة السواد الأعظم من شعبه؟ أم أنه يغازل أنظمة أفريقية لا أحد يرغب بالتعامل معها؟ 
يبدو أن ماكرون فقد بوصلته الجيوسياسية، فهو تارة يريد التحرر من "الهيمنة" الأمريكية في مجال الدفاع الأوروبي، وتارة يريد التحرر من الدولار الأمريكي ويغازل الصين. يريد الرئيس الفرنسي أن يلعب في ساحة الكبار، ولكن لم يعد لفرنسا سوى حق الفيتو، لكن اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا تجردت من معظم مقدراتها. لا أحد يعيرها أي اهتمام، أضحت فرنسا تعيش على الماضي وما تبقى من فتات في مجال النفوذ الدولي. 
الرئيس الفرنسي لا يتوفر على وسائل طموحاته، بحيث أن مديونية فرنسا تجاوزت ناتجها الإجمالي الخام..
هل هي نهاية الجمهورية الخامسة؟ 
دستور ونظام فرنسا السياسي الحالي هو مايصلح عليه الجمهورية الخامسة. 
كانت الجمهورية الرابعة ودستورها لا يخول للرئيس صلاحيات كبرى وهيمن فيها البرلمان أدى إلى تهميش دور الرئيس. فقام الرئيس "ديكول" بتأسيس الجمهورية الخامسة وذلك بالتصويت على دستور يمنح الرئيس صلاحيات واسعة ليلعب دوره المنوط به بكل فعالية. ومع ذلك لا يمكننا نعت النظام الفرنسي بالنظام الرئاسي أمريكا مثلا، بل إنه نظام ديمقراطي بين الرئاسي والبرلماني. إلا أن رئاسة ماكرون لفرنسا وممارسته للسلطة وقراءته الخاصة للقانون الدستوري بينت حدود هذا الدستور التي تقوض من مدى مراقبة البرلمان الفرنسي للحكومة والرئيس والذي سير البلاد الفرنسية بمقتضى "مذكرات" ordonnance تحدى بها البرلمان والشعب. 
على سبيل المثال حكومة ماكرون لم تخضع لتصويت الثقة vote de confiance ولو أنها تحظى بالأغلبية في تحدي صارخ للديمقراطية. منذ زمن والعديد من الأصوات والقوى الحزبية داخل فرنسا تطالب بدستور جديد، بعبارة أخرى الجمهورية السادسة. 
العديد يعتبر رئاسة ماكرون حادثا عرضيا نظرا لتصويتهم فقط لقطع الطريق على حزب "مارين لوبين" المتطرف.
خليل مجدي، فاعل سياحي