الرباط ...لقاء دراسي لضخ نَفَسٍ حقوقي في ظهير 15 نونبر 1958

الرباط ...لقاء دراسي لضخ نَفَسٍ حقوقي في ظهير 15 نونبر 1958 محمد حمضي(يسارا) وجانب من أشغال اليوم الدراسي

مدخل لابد منه

كان المغفور له الملك محمد الخامس وهو يعود لأرض الوطن، يعي جسامة المسؤولية الملقاة على كاهل المغاربة وهم/ن يخطون الأولى الخطوات في معركة الجهاد الأكبر، بعد معركة الجهاد الأصغر التي انتهت بطرد المستعمر، وعودة الأسرة الملكية.

الجهاد الأكبر الذي تحدث عنه الملك الوطني، ورش لا منتهي، مفتوح على كل الواجهات والمجالات لبناء المغرب الديمقراطي الحاضن لكل أبنائه، المنتصر لكرامة مواطناته ومواطنيه.

ضمان الحريات وحمايتها كان هو العنوان الأبرز، والجسر الذي من دونه لن يكون للجهاد الأكبر معنى. خيار استراتيجي تجسدت روحه في ظهير الحريات العامة، المعروف بظهير 15 نونبر 1958. ظهير بمثابة قانون شكل في وقته اشراقة وفجوة استثنائية، حيث كان العنوان المؤطر لتلك المرحلة التاريخية هو خيار الحزب الواحد، فحق للمغاربة فعلا أن يتحدثوا عن الاستثناء المغربي.

بين مطلع استقلال المغرب ومطلع تسعينيات القرن الماضي، تم تعطيل روح وأبعاد هذا الظهير. مرحلة عرفت مختلف قنواتها احتقانا كانت فاتورته ثقيلة ...وأول من أدى الفاتورة المذكورة لم تكن غير الحريات العامة من خلال ما لحق الظهير المنظم لها من مد وجزر.

دوام الحال من المحال كما تقول القاعدة، لذلك اختار حفيد محمد الخامس مع القوى الحية بالبلاد طي صفحة الماضي، فكان جبر الضرر الفردي والجماعي، والانصاف والمصالحة، والمشروع الديمقراطي الحداثي .... في كلمة واحدة، وضع أسس وقواعد مغرب يسع لكل أبنائه، مغرب دولة الحق والقانون. ارادة ترجمتها الوثيقة الدستورية التي تقاطعت في انتاجها جملة من العوامل، داخلية وإقليمية وجهوية، انتهت بتوسيع المساحة الحقوقية بأسمى قانون .

في سياق هذا المناخ الايجابي والواعد، دخل المجتمع المدني الفاعل على الخط، مترافعا من أجل ضخ نفس حقوقي في أوصال ظهير 15 نونبر 1958، وذلك بملائمته مع الأدوار الجديدة التي انتصر فيها دستور 2011 للجمعيات والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، وصنفها بالشريك الأساسي في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها ....

عودة لأشغال اليوم الدراسي

لرفع مختلف الحواجز وخصوصا القانونية منها التي تحد من دينامية المجتمع المدني الفاعل، بعد أن تبين بقوة الواقع والممارسة بأنها خانقة للأدوار الجديدة التي متع بها دستور 2011 جمعيات المجتمع المدني . هذا الأخير ومن خلال " حركة مبادرات من أجل إصلاح المنظومة القانونية للجمعيات بالمغرب MIRLA" سيطلق سلسلة من اللقاءات التشاورية ، إن وطنيا أو جهويا ، بعد أن أعد فريق من الخبراء باللجنة العلمية التي تشكلت لهذا الغرض ، أوراقا قرأت القوانين المشتتة ذات الصلة بالجمعيات في علاقتها بما جاء به دستور 2011 ، وفي علاقتها بالتجارب الدولية .

فريق الترافع ومن مدة وهو يطرق أبواب الحكومة والمؤسسة التشريعية لعله ينجح في اقناع مختلف المتدخلين بضرورة التعجيل بإصلاح القوانين المنظمة للجمعيات، لكن لأسباب، الخوض فيها اليوم غير دي جدوى، ظل الملف يراوح مكانه لأن مناخ الفترة حسب صناع القرار لم يكن يسمح بذلك.

يوم الخميس 2 مارس كان مقر مجلس النواب على موعد، كثيرة هي مؤشراته التي يستشف منها بأن منظومة قوانين الجمعيات قد ركبت قطار الإصلاح، ولكن بأي مضمون ومنسوب وسرعة؟ ذاك هو السؤال.

بتنسيق بين " حركة مبادرات من أجل اصلاح المنظومة القانونية للجمعيات بالمغرب" و الفرق البرلمانية للأغلبية، وبحضور وزير العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، وقطاعات حكومية لأول مرة تتفاعل ايجابيا (الأمانة العامة للحكومة)، وخبراء مهتمين بالموضوع، والعشرات من ممثلات وممثلي جمعيات نوعية الحضور في المشهد الجمعوي الوطني، ان اخراج اللقاء الدراسي.

اللقاء الدراسي وبعد جلسته الافتتاحية التي تناول فيها الكلمة ، رؤساء الفرق البرلمانية للأغلبية، ورئيس الفريق الدستوري، و ممثلة حركة مبادرات ، وممثلة المركز الدولي لقوانين منظمات المجتمع المدني ، انتقل المشاركات والمشاركون لمتابعة ما جاءت به العروض الثلاثة التي تناولت بالتحليل العميق : القوانين المنظمة للجمعيات أية أولية في الأجندة الحكومية ( وزير العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني) - الاكراهات التي تواجهها الجمعيات من الناحية القانونية ، المالية والجبائية والتشاور العمومي ( الخبيران عبد المالك أصريح ، وأحمد الجزولي ) - القوانين المنظمة للجمعيات في ظل بعض التجارب الدولية ( المستشارة القانونية لدى المركز الدولي الفلسطينية دعاء فرج) .

وبعد تفاعل ثري وغني بالأفكار والمقترحات جاء بها المشاركات والمشاركون أوصى اللقاء ب :

- أجراة التشاور العمومي كقاعدة قانونية عامة وملزمة.

- تثبيت آلية العمل المشترك بين المؤسسات صانعة القرار المحددة في الحكومة و البرلمان والمجتمع المدني.

- ملائمة المنظومة القانونية للجمعيات مع الأدوار الجديدة للجمعيات كما جاءت بدستور المملكة ، مع استلهام التجارب الدولية الفضلى ، والقطع مع الشتات الذي تعرفه هذه القوانين وذلك بجمعها في وثيقة واحدة يطلق عليها " مدونة الجمعيات".

- المراجعة الجدرية لكل ما هو مالي وجبائي المطبق على الجمعيات في النسخة الجاري بها العمل لحدود اليوم ، والذي مع الأسف عملية التضريب المعمول بها مجحفة وغير ذات معنى لأنها تصنف الجمعيات ضمن الشركات رغم أنها لا تهدف من وراء عملها تحقيق أي ربح .

- تجويد الجمعيات لعملها ، بمأسسة تدبيرها ، وترجمة استقلاليتها إلى فعل ملموس.

وحدها "مراجعة القوانين المنظمة للعمل الجمعوي بالمغرب مدخل أساسي لتطويره" كما جاء في الشعار الذي أطر اليوم الدراسي .