ربطت جريدة "أنفاس بريس" الاتصال بالمواطن المغربي (مراد) الذي ينحدر من مدينة وجدة، حيث يقيم إقامة دائمة بمدينة زباروجيا الأوكرانية منذ سنة 2011، بعد أن قضى سبع سنوات في الدراسة بإحدى الجامعات (الطب).
مثله مثل أغلب الطلبة المغاربة، تأقلم الطالب مراد مع أجواء الحياة بمدينة سومي الأوكرانية ونسج علاقات اجتماعية ذات صبغة علمية وثقافية وإنسانية، فقرر الاشتغال والمضي في الدراسة: "كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام منذ أن كنت طالبا، وأحسست بأني أعيش في وسط عائلي"، حيث فتح محلا للمأكولات لضمان عيشه كسائر المواطنين الأوكرانيين إلى أن حلت جائحة كورونا، فقرر إغلاق المحل بسبب تراجع الحركة التجارية بسب حالة الطوارئ والحجر الصحي.
تزوج مراد من شابة أوكرانية ورزق منها بمولود ذكر، وتوثقت روابط الأسرة الصغيرة اجتماعيا وتواصليا مع امتداداتها في الوسط الأوكراني. لكن ـ حسب الطالب مراد ـ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
فبعد ثلاثة أشهر قبل إعلان الحرب الروسية على أوكرانيا بدأت الأزمة تلوح في الأفق، وبدأ الحديث عن تربص روسيا وجيشها بأوكرانيا. وأن هناك استعدادات للجيش الروسي لاحتلال مدن المنطقة والسيطرة عليها، ورغم ذلك يقول: "كان أفراد عائلتي الأوكرانية يتمسكون بخيوط الأمل في السلم والسلام. وأن الأمر مجرد مناورة استفزازية. وليست سوى حرب باردة يتم من خلالها الترويج للحرب، واستعراض عضلات الروس من أجل انتزاع مكاسب سياسية واقتصادية لا غير"، يوضح مراد.
يسترجع مراد زمن الحرب البشعة بالقول: "لقد اندلعت الحرب يوم 24 فبراير 2022، فتم قصف مواقع الجيش الأوكراني وتدمير أغلب المطارات بعدة مدن، وبدأت البلاغات تتقاطر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية التي تنقل الأخبار من هنا وهناك. ولم يخطر ببالي أن أغادر أوكرانيا، ولكنني كنت أفكر في إجلاء زوجتي وابني الصغير وبعض أفراد العائلة لمكان آمن، من بينهم أخت زوجتي الحامل المقبلة على الوضع خلال أيام".
يحكي مراد أنه بعد خمسة أيام من انطلاق الحرب الروسية على أوكرانيا توصل بمعلومة تفيد بأن جمارك بولندا اعتقلت أخاه في النقطة الحدودية مع أوكرانيا دون رفاقه الذين كانوا صحبته، وتأكد له الخبر بعد أن ربطت به الاتصال عبر هاتف أخيه، مسؤولة في جمارك الحدود البولونية أخبرته بواقعة الاعتقال، وأن إجراءات تسليمه للشرطة البولونية تجري على قدم وساق. وأكد للجريدة بأن "إجراءات إطلاق سراح أخيه تتم الآن بشكل سلس".
في سياق متصل أفاد مراد بأن وسائل نقل المواطنين بين المدن الأوكرانية بعد انطلاق عمليات القصف كانت متوفرة على رأس كل نصف ساعة على متن حافلات خاصة تجندت لهذا الغرض الإنساني، إلا أن عامل الرعب والخوف من الحصار والقصف المستمر عجل بخروج المواطنات والمواطنين من بيوتهم بحثا عن الأمان مما حول نقط تواجد الحافلات و محطات القطارات إلى تجمعات بعشرات الآلاف (مسنين ونساء وأطفال رضع وصغار).
وعن سؤال ل"أنفاس بريس"، أوضح مراد بأنه "لم يكن خائفا من الموت وعن مصيره في زمن الحرب، لكنه كان يفكر في طريقة عملية لإجلاء أفراد أسرته وعائلته إلى منطقة آمنة غرب أوكرانيا". وأضاف قائلا: "لقد جمعت أغراضي وخرجنا من مدينة زاباروجي التي كانت تحت رحمة القصف ومحاصرة من كل النواحي (محيط 15 كلم) بالجيش الروسي، وقطعنا مسافة 500 كلم من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية السادسة مساء بفعل ازدحام واكتظاظ الطريق مما صعب الأمر".
في نفس السياق نقل مراد بحرقة وألم كبيرين حكايات مرعبة عاشتها عدة أسر أوكرانية بعد دخول الجيش الروسي إلى مناطق ذات تجمعات سكنية معزولة: "اقتحموا بيوت مسنين وعجزة، ونهبوا ما وجدوه من أكل ومواد تموين"، وفي أحيان أخرى "اغتصبوا فتيات وسيدات وقتلوا فتاتين خنقا من أسرة واحدة".
من جهة أخرى قال نفس المتحدث للجريدة بأن الجيش الروسي قام بفظائع مرعبة من بينها مثلا: "الاعتداء بالرصاص على سيارات مدنية وقتل كل من بداخلها دون سبب يذكر". واستغرب للطريقة التي "فجرت بها دبابة روسية سيارة كان يمتطيها عجوزان معاقان".
هي إذا حكايات مؤلمة لم ينقلها الإعلام، ولم يسمع بها العالم لكن وثقتها كاميرات خاصة.
بعد اطمئنانه على نقل زوجته وابنه وأخت زوجته الحامل وطفلة أخرى صغيرة نحو مكان آمن غرب أوكرانيا، يفكر مراد اليوم بجدية في خطة عملية للعودة إلى مدينة زاباروجي. وعن سبب إصراره للعودة،أوضح بأن "هناك بزاباروجي، مازال عدة طلبة مغاربة عالقين وسط الحصار والقصف وانعدام المؤونة والتغذية والأدوية، يجب أن أعمل على مساعدتهم وأن أكون إيجابيا في زمن الحرب".
وأفاد بأن مدينة زاباروجي تضم ما يقارب 900 ألف نسمة، وعدد الطلاب المغاربة كان يتراوح فيها ما بين 1500 و 1600 طالب (ة)، وما يقارب 150 مغربي مقيم (متزوج) ومستقر مع أسرته .."هناك من يستحق المساعدة".
وعن سؤال للجريدة أكد بأن "الشعب الأوكراني متضامن ومتحد ضد الحرب، ورغم قلة الأدوية وانقطاع حليب الأطفال وندرة مواد التموين، فهناك فرق متطوعة لتوزيع الأغذية والحليب ومواد أخرى". وأضاف قائلا: "لقد تشكلت فرق متطوعة من المواطنين والمواطنات لحمل أكياس الرمال لإقامة المتاريس، والألبسة للجيش الأوكراني".
واستطرد موضحا : "إن القانون الذي صوت عليه البرلمان الأوكراني يلزم في حالة الحرب الرجال البالغين سن ما بين 18 و 59 سنة بالتجنيد الإجباري، ويستثني حالات أخرى مثل المعاقين والتحمل العائلي..وشدد على أن "المواطنين الأوكرانين يحبون وطنهم، والدليل أن ما يقارب 80 ألف أوكراني عادوا من أوروبا للمشاركة في الدفاع عن بلادهم" .
مثله مثل أغلب الطلبة المغاربة، تأقلم الطالب مراد مع أجواء الحياة بمدينة سومي الأوكرانية ونسج علاقات اجتماعية ذات صبغة علمية وثقافية وإنسانية، فقرر الاشتغال والمضي في الدراسة: "كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام منذ أن كنت طالبا، وأحسست بأني أعيش في وسط عائلي"، حيث فتح محلا للمأكولات لضمان عيشه كسائر المواطنين الأوكرانيين إلى أن حلت جائحة كورونا، فقرر إغلاق المحل بسبب تراجع الحركة التجارية بسب حالة الطوارئ والحجر الصحي.
تزوج مراد من شابة أوكرانية ورزق منها بمولود ذكر، وتوثقت روابط الأسرة الصغيرة اجتماعيا وتواصليا مع امتداداتها في الوسط الأوكراني. لكن ـ حسب الطالب مراد ـ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
فبعد ثلاثة أشهر قبل إعلان الحرب الروسية على أوكرانيا بدأت الأزمة تلوح في الأفق، وبدأ الحديث عن تربص روسيا وجيشها بأوكرانيا. وأن هناك استعدادات للجيش الروسي لاحتلال مدن المنطقة والسيطرة عليها، ورغم ذلك يقول: "كان أفراد عائلتي الأوكرانية يتمسكون بخيوط الأمل في السلم والسلام. وأن الأمر مجرد مناورة استفزازية. وليست سوى حرب باردة يتم من خلالها الترويج للحرب، واستعراض عضلات الروس من أجل انتزاع مكاسب سياسية واقتصادية لا غير"، يوضح مراد.
يسترجع مراد زمن الحرب البشعة بالقول: "لقد اندلعت الحرب يوم 24 فبراير 2022، فتم قصف مواقع الجيش الأوكراني وتدمير أغلب المطارات بعدة مدن، وبدأت البلاغات تتقاطر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية التي تنقل الأخبار من هنا وهناك. ولم يخطر ببالي أن أغادر أوكرانيا، ولكنني كنت أفكر في إجلاء زوجتي وابني الصغير وبعض أفراد العائلة لمكان آمن، من بينهم أخت زوجتي الحامل المقبلة على الوضع خلال أيام".
يحكي مراد أنه بعد خمسة أيام من انطلاق الحرب الروسية على أوكرانيا توصل بمعلومة تفيد بأن جمارك بولندا اعتقلت أخاه في النقطة الحدودية مع أوكرانيا دون رفاقه الذين كانوا صحبته، وتأكد له الخبر بعد أن ربطت به الاتصال عبر هاتف أخيه، مسؤولة في جمارك الحدود البولونية أخبرته بواقعة الاعتقال، وأن إجراءات تسليمه للشرطة البولونية تجري على قدم وساق. وأكد للجريدة بأن "إجراءات إطلاق سراح أخيه تتم الآن بشكل سلس".
في سياق متصل أفاد مراد بأن وسائل نقل المواطنين بين المدن الأوكرانية بعد انطلاق عمليات القصف كانت متوفرة على رأس كل نصف ساعة على متن حافلات خاصة تجندت لهذا الغرض الإنساني، إلا أن عامل الرعب والخوف من الحصار والقصف المستمر عجل بخروج المواطنات والمواطنين من بيوتهم بحثا عن الأمان مما حول نقط تواجد الحافلات و محطات القطارات إلى تجمعات بعشرات الآلاف (مسنين ونساء وأطفال رضع وصغار).
وعن سؤال ل"أنفاس بريس"، أوضح مراد بأنه "لم يكن خائفا من الموت وعن مصيره في زمن الحرب، لكنه كان يفكر في طريقة عملية لإجلاء أفراد أسرته وعائلته إلى منطقة آمنة غرب أوكرانيا". وأضاف قائلا: "لقد جمعت أغراضي وخرجنا من مدينة زاباروجي التي كانت تحت رحمة القصف ومحاصرة من كل النواحي (محيط 15 كلم) بالجيش الروسي، وقطعنا مسافة 500 كلم من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية السادسة مساء بفعل ازدحام واكتظاظ الطريق مما صعب الأمر".
في نفس السياق نقل مراد بحرقة وألم كبيرين حكايات مرعبة عاشتها عدة أسر أوكرانية بعد دخول الجيش الروسي إلى مناطق ذات تجمعات سكنية معزولة: "اقتحموا بيوت مسنين وعجزة، ونهبوا ما وجدوه من أكل ومواد تموين"، وفي أحيان أخرى "اغتصبوا فتيات وسيدات وقتلوا فتاتين خنقا من أسرة واحدة".
من جهة أخرى قال نفس المتحدث للجريدة بأن الجيش الروسي قام بفظائع مرعبة من بينها مثلا: "الاعتداء بالرصاص على سيارات مدنية وقتل كل من بداخلها دون سبب يذكر". واستغرب للطريقة التي "فجرت بها دبابة روسية سيارة كان يمتطيها عجوزان معاقان".
هي إذا حكايات مؤلمة لم ينقلها الإعلام، ولم يسمع بها العالم لكن وثقتها كاميرات خاصة.
بعد اطمئنانه على نقل زوجته وابنه وأخت زوجته الحامل وطفلة أخرى صغيرة نحو مكان آمن غرب أوكرانيا، يفكر مراد اليوم بجدية في خطة عملية للعودة إلى مدينة زاباروجي. وعن سبب إصراره للعودة،أوضح بأن "هناك بزاباروجي، مازال عدة طلبة مغاربة عالقين وسط الحصار والقصف وانعدام المؤونة والتغذية والأدوية، يجب أن أعمل على مساعدتهم وأن أكون إيجابيا في زمن الحرب".
وأفاد بأن مدينة زاباروجي تضم ما يقارب 900 ألف نسمة، وعدد الطلاب المغاربة كان يتراوح فيها ما بين 1500 و 1600 طالب (ة)، وما يقارب 150 مغربي مقيم (متزوج) ومستقر مع أسرته .."هناك من يستحق المساعدة".
وعن سؤال للجريدة أكد بأن "الشعب الأوكراني متضامن ومتحد ضد الحرب، ورغم قلة الأدوية وانقطاع حليب الأطفال وندرة مواد التموين، فهناك فرق متطوعة لتوزيع الأغذية والحليب ومواد أخرى". وأضاف قائلا: "لقد تشكلت فرق متطوعة من المواطنين والمواطنات لحمل أكياس الرمال لإقامة المتاريس، والألبسة للجيش الأوكراني".
واستطرد موضحا : "إن القانون الذي صوت عليه البرلمان الأوكراني يلزم في حالة الحرب الرجال البالغين سن ما بين 18 و 59 سنة بالتجنيد الإجباري، ويستثني حالات أخرى مثل المعاقين والتحمل العائلي..وشدد على أن "المواطنين الأوكرانين يحبون وطنهم، والدليل أن ما يقارب 80 ألف أوكراني عادوا من أوروبا للمشاركة في الدفاع عن بلادهم" .
ملاحظة :
تقع مدينة زاباروجيا جنوبي وسط أوكرانيا، ويبلغ عدد السكان ما يقارب 900 ألف نسمة، وتعتبر المدينة مركزا صناعيا هاما، على اعتبار أنها رابع أكبر مركز صناعي في أوكرانيا، حيث تزدهر فيها صناعة المعادن الحديدية والكيماويات ويتواجد بها عدد من المؤسسات الصناعية.
تقع مدينة زاباروجيا جنوبي وسط أوكرانيا، ويبلغ عدد السكان ما يقارب 900 ألف نسمة، وتعتبر المدينة مركزا صناعيا هاما، على اعتبار أنها رابع أكبر مركز صناعي في أوكرانيا، حيث تزدهر فيها صناعة المعادن الحديدية والكيماويات ويتواجد بها عدد من المؤسسات الصناعية.