samedi 31 mai 2025
كتاب الرأي

سمير شوقي: مغاربة وليس متصهينون من كازا حتى لغزة

سمير شوقي: مغاربة وليس متصهينون من كازا حتى لغزة سمير شوقي
قليلون من الإخوان العرب ممن يفهمون العلاقة الوطيدة للمغاربة مع القضية الفلسطينية بامتدادها التاريخي منذ المساهمة في فتح بيت المقدس مع القائد الكبير صلاح الدين الأيوبي (باب المغاربة)، وبتعامل العديد من سلاطين المملكة الشريفة مع المقدس الشريف حتى العهد الحديث مع الحسن الثاني وخلفه محمد السادس وقصة رئاسة لجنة القدس منذ العام 1975.
أتفهم عدم استيعاب بعض الإخوة العرب لعُمق هذه العلاقة وارتباط المغاربة بقضية فلسطين، لكن لا أفهم إطلاقاً موقف قلة قليلة أو لنقل شرذمة حتى نكون دقيقين من المغاربة يعيشون بيننا ولا يستسيغون هذا المد الجارف من تضامن المغاربة مع إخوانهم في غزة.
المتصهينون بيننا يحاولون بكل ما أوتوا من إمكانيات أن يوهمونا أن منظمة حماس تدعم البوليزاريو، دون أدنى دليل وبصور مفبركة، حتى يقسموا ظهر الوحدة المغربية، لأنهم يعرفون أن قضية الصحراء مقدسة لدى كل المغاربة. ولما فشلوا في ذلك حاولوا اللعب على حبال الدين مشيرين لحماس كإحدى دعامات الإخوان المسلمين وحلفاء إيران الشيعية، وهو لعمري تناقض لا يسقط فيه حتى المبتدئون!
ولأنهم "كلهم إسرائيليون" يدرون أنهم فاشلون لا محالة في رقعة الميدان هاته، و يعرفون أن مد تماهي المغاربة مع قضية فلسطين جارفهم لا محالة، وجهوا سهامهم لوجوه حقوقية و إعلامية معروفة بمهاجمتها للعدو الصهيوني بتغيير البوصلة لقضايا هامشية و شخصية كأن تتهم صحفي في المتاجرة بقضية فلسطين من أجل "فلوس اليوتوب" وتكتب في وسائل التواصل الاجتماعي أن دخل فلان من اليوتوب 5 أو 10 المليون شهرياً، وكأنه من المفروض أن يضرب ذلك مصداقيته! لايهمني كم يكسب لكن أهتم بما تكسبه القضية من كتاباته ومواقفه وتعبئته الشعبية، فقط لا غير.
في الواقع أفضل احترام قواعد اللعب و اختلاف الرأي و تدافع المواقف و النقاش السليم .. كيفما كانت القضايا داخلية أو خارجية، وأكره الضرب تحت الحزام لأني أعتبره سلاح الجبناء. تم لابد أن أذكر أن المغرب هو البلد الوحيد الذي تجد فيه صحفي يشتغل في منبر ما ينتقد صحفي آخر يشتغل مؤسسة أخرى لأنه لا يوافقه الرأي و يعاتبه عن كتابة كذا وكذا ! لا يمكن حتى أن أتصور صحفي في واشنطن بوست يشغل نفسه بانتقاد صحفيي نيويورك تايمز أو وول ستريت جورنال. عندنا (ولا أتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي بل عن منابر رسمية .. جرائد وقنوات) تخصصت في "تغراق الشقف" لزملائهم فقط لاختلافهم في الرأي والموقف. فلا غروَ إذن أن تنحدر المهنة لجب عميق وتفقد احترام الآخرين.
و في الأخير، لا أتذكر أنه في ربع قرن من ممارستي للصحافة (+2500 عمود رأي) أن هاجمت زميلاً عن أرائه، فحتى عندما كتب زميل "كبير" (والكبير هو الله) أن جريدتي الاقتصادية اليومية "ليزيكو" ستموت قبل عددها الأول، رفعت الهاتف وقلت له "ستدعوني للغذاء عندما تصل الجريدة عددها الألف .. وقد تعدت الآن الثلاثة آلاف !
وحتى وأنني صعقت لمقال "كلنا إسرائيليون"، كان ردي بعيداً عن الشخصنة وعنونتُ مقالي "كلنا فلسطينيون" وما تعرضت ولن أتعرض لخصوصيات كاتبها ولا المدافعون عنه لأني أومن بثقافة الاختلاف حتى ولو أدمى هذا الاختلاف جوارحي.
حمداً لله على صلابة الموقف والتضامن اللامشروط للمغاربة اتجاه إخوانهم الفلسطينيين مقاومة وحركات سياسية، ودعواتنا لإخواننا في غزة مباشرة من "كازا".