أكدت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، على أن فاجعة زلزال الحوز هي التي جعلت المنظمة تتحرك لإنصاف نساء الجبل، لاسيما أن نساء هذه المناطق ترافعن بقوة بعد الزلزال ليرسمن بدموعهن لوحة تراجيدية للتهميش الذي تعيشه هذه المناطق.
وشددت حنان رحاب، في كلمتها باللقاء الذي نظمته منظمة النساء الاتحاديات صباح يوم الجمعة 22 دجنبر 2023، لاستعراض المذكرة الترافعية التي أعدتها المنظمة حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للنساء المغربيات بالجبل، أننا نحتاج العديد من المقاربات القانونية والاجتماعية والاقتصادية لرفع الحيف التنموي الذي تعاني منه المناطق الجبلية والقروية .
واعتبرت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، أن النساء يظلن التعبير الأوضح عن تهميش هذه المناطق، فإذا كن يشتركن مع الرجال في العديد من مظاهر الإقصاء الاجتماعي، والهشاشة الاقتصادية، فإنهن ينفردن بأشكال أخرى مرتبطة بالتمييز على أساس النوع الاجتماعي. فسواء قمنا بمقارنة بين النساء والرجال في المجال الجبلي، أو قمنا بمقارنة بين نساء الجبل وبين النساء في مجالات جغرافية أخرى، فإن النتيجة أن نساء الجبل هن الأكثر تضررا.
وفي استعراضها للخطوط العريضة للمذكرة الترافعية، أبرزت مريم الجمالي الإدريسي، عضوة المجلس الوطني لمنظمة النساء الاتحاديات، أهم المحاور التي اعتمدتها المذكرة لتسليط الضوء على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للنساء المغربيات للجبل، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان ضعف البنية الطرقية مع صعوبة المسالك والتضاريس، وسوء الأحوال المناخية، هو وضع تعاني منه كل ساكنة الجبل، إلا أن النساء يضاف لهن مشكل ارتفاع نسبة الوفيات أثناء الولادة، خصوصا أن أغلب المستوصفات إما لا تتوفر على الحد الأدنى من الخدمات أو الموارد الطبية المرتبطة بالتوليد أو أنها بعيدة عن مناطق عيش السكان.
وقريبا منه تؤكد الورقة التقديمية للمذكرة ، نجد الأمر نفسه على مستوى التمدرس، إذ ترتفع نسب الأمية والهدر المدرسي في صفوف النساء والفتيات، مقارنة مع الرجال والأطفال الذكور ( رغم أنه حتى نسبتها في صفوف الرجال غير مطمئنة)، ورغم بعض مجهودات الدولة التي لا يمكن نكرانها على مستوى تعميم التمدرس في العالم القروي، وخصوصا في أوساط الفتيات، فإن هيمنة الثقافة المحافظة واستشراء مظاهر الفقر يدفعان الأسر إلى وضع حد لتحصيل الفتيات الدراسي عند نهاية الطور الابتدائي في أحسن الحالات.
وعلى مستوى العدالة، أكدت المحامية مريم الجمالي الإدريسي ، على أن العديد من نساء الجبل يجدن صعوبة في الولوج للمرفق العمومي المرتبط بمختلف الخدمات القضائية، وتتعمق الصعوبات عند النساء الأرامل والمطلقات والمتقدمات في السن، وكذلك عند النساء الناطقات بالأمازيغية فقط. وفي بعض المناطق ما زال الاحتكام يخضع للأعراف المحلية التي تضيع في الكثير من الأحيان معها حقوق النساء (مثلا تحرم بعض النساء من حقهن الشرعي في الإرث إذا ما تزوجن من خارج القبيلة أو الدوار أو الأسرة).
إن هذه الأوضاع –تقول المذكرة الترافعية- وغيرها كثير يبين هشاشة وضع نساء الجبل، الذي ينعكس سلبا على التمكين الاقتصادي والسياسي لهن، رغم مساهمتهن الكبيرة إنتاج الثروة، بل يمكن القول إن مساهمتهن باحتساب العمل المنزلي، والمشاركة في أنشطة الفلاحة والرعي وتربية الماشية، ومختلف الأنشطة الحرفية التقليدية، يجعل مساهمتهن أكبر من مساهمة الرجال سواء على مستوى تنمية الثروة المحلية على ضعفها، أو على مستوى المحافظة على نمط العيش الخاص بالمناطق الجبلية، الذي يمكن اعتباره إرثا لا ماديا من شأنه تثمينه وتطويره أن يساهم في التنمية المحلية المستديمة.
وجردت إيمان الرازي، أستاذة القانون خلال هذا اللقاء التوصيات التي تضمنتها المذكرة الترافعية همت المحاور التالية: البنية التحتية، الاقتصاد الاجتماعي ،الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الشق التشريعي من خلال المطالبة بالاعتراف الرسمي بخصوصيات المجال الجبلي (وفصله عن المجال القروي) وتحديده تحديدا قانونيا واداريا، والاعتراف بالجماعات الترابية ذات الطابع الجبلي وتعريفها وتحديد معاييرها، مع إقرار قانون يمنح الجماعات الترابية ذات الطابع الجبلي امتيازات، او تمييزا إيجابيا، في إطار السياسات العمومية ليعوض عقودا من التمييز السلبي.
وتبقى أبرز التوصيات التي تضمنتها المذكرة الترافعية في المجال التشريعي هي إقرار عدالة ضريبية تمكن الجبل من الاستفادة من عائدات ثرواته، (دراسة مقترح تسجيل الشركات في جماعات موطن الإنتاج: شركات الماء والمعادن والخشب والزيوت العطرية و...)، مراجعة مقتضيات الجهوية المتقدمة والجماعات الترابية، قصد الأخذ بعين الاعتبار التنوع المجالي الترابي في بلادنا (مناطق ساحلية وجبلية وواحية) ومراعاة خصوصياتها في إعداد وتنفيذ السياسات العمومية والترابية.