قال نورالدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية إن مناقشة مشروع قانون المالية للسنة 2024 يأتي في لحظة تاريخية حاسمة، وغير مسبوقة في طريق ترسيخ الدولة الاجتماعية كما أرادها الملك محمد السادس، دولة تحقق الإنصاف لكل أبنائها، وتعتمد الكرامة شعارا لها.
وأضاف في كلمة له الخميس 26 أكتوبر 2023 خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2024 بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، "الإجراءات التي يحملها هذا المشروع في طياته استثنائية وشجاعة وغير مسبوقة، وتنقلنا اليوم من مرحلة التشخيص، وتحديد الأولويات التي طالت عقودا من الزمن الى مرحلة الجرأة والتنفيذ والوفاء بالتعهدات.
وزاد قائلا:" يأتي في طليعة هذا بناء ركائز وأسس الدولة الاجتماعية، ورش الحماية الاجتماعية الذي يشكل بالفعل ثورة اجتماعية حقيقية، من أجل تحقيق التوازن الاجتماعي المنشود، بما تتضمنه من برامج تستهدف الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة من خلال منظومة متناسقة من التدخلات العمومية بتكلفة مالية كبيرة، وشجاعة وفي ظروف استثنائية، وعلى رأسها الدعم الاجتماعي المباشر للأسر المستحقة، والأكثر هشاشة، والذي حدد له الملك محمد السادس 500 كحد أدنى من خلال منظومة استهداف أكثر دمقرطة ويسرا وتنظيما مما يحقق النجاعة والاستهداف الامثل للفئات الاكثر استحقاقا، والتي قدم خطوطها العريضة رئيس الحكومة خلال الجلسة العمومية المشتركة بمجلسي البرلمان يوم الاثنين المنصرم.
مضيان أوضح أيضا أنه سواء تعلق الأمر بتعميم التعويضات العائلية عن الأطفال في حدود 3 أطفال، أو دعم الأسر التي تتوفر على شخص، أو أكثر من ذوي الاحتياجات الخاصة فضلا عن الاهتمام بفئة الأشخاص المسنين من خلال مدخول الكرامة، أو تعميم الولوج إلى التغطية الصحية الإجبارية، لتشمل جميع الفئات الاجتماعية، بما فيهم حوالي 21 مليون موطن من حاملي بطاقة راميد سابقا حوالي 21 مليون شخص.
وأفاد أن تنزيل التوجيهات الملكية بخصوص البرنامج الجديد لدعم السكن لصالح الفئات ذات الدخل المحدود، والمتوسط لأجل الإقامة الرئيسية، من خلال تخصيص دعم مالي يقدر بـ 100.000 درهم لاقتناء سكن يقل ثمنه أو يعادل 300.000 درهم، و7000 درهم بالنسبة لسكن يفوق ثمنه 300000 درهم ويقل أو يعادل 700000 درهم، وذلك بهدف تمكين هذه الفئات الاجتماعية من حقها الدستوري في السكن اللائق.
وأضاف:"استكمال إصلاح المنظومة التعليمية من خلال القطع مع نظام التعاقد لتصحيح أعطاب هذه المنظومة، حيث عرف هذا القطاع اضرابات متوالية أثرت على السير العادي لعدد من السنوات الدراسية، ليتم بعد ذلك تسوية هذا الملف من خلال حوار بناء للحكومة مع النقابات خلصت إلى توحيد النظام الأساسي لرجال التعليم من أجل تحقيق غاية واحدة، وهي المساواة بين جميع منتسبي اسرة التعليم الوطنية في الحقوق والواجبات".
وتماشيا مع هذا السياق، ثمن المتحدث ذاته الرفع من الميزانية المرصودة لقطاع التعليم مقارنة مع السنة الماضية بما يسمح بإصلاح ما يزيد 2500 مدرسة سنويا.
وخلص إلى أن الحكومة كانت لها الجرأة في تنزيل هذه الأوراش على الرغم من تداعيات السياق الدولي المطبوع بالتوترات والصراعات الجيوستراتيجية، وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي الذي لازال يعرف ركودا متزايدا، وارتفاعا غير مسبوق في السوق العالمية للمواد الاولية التي تستوردها بلادنا، وكذا الظرفية الصعبة التي تجتازها البلاد نتيجة استمرار تداعيات كورونا، وكذا التقلبات المناخية التي أثرت بشكل كبير على الانتاج الفلاحي بعد سنوات من الجفاف، هذا علاوة على الزلزال الذي ضرب بعض المناطق المغربية في 08 شتنبر الماضي.
كما جدد الدعوة لكل المتدخلين حكومة وسلطات عمومية، وبرلمان ومنتخبين من أجل تعزيز الحكامة الجيدة في إنجاز هذه البرامج، والذي يقتضي التتبع والمواكبة والتنسيق والالتقائية بين مختلف الأطراف، وكذا التقييم المرحلي حتى تحقق هذه البرامج الأهداف المتوخاة منها وآثارها الإيجابية المرجوة على الساكنة المعنية.
وبخصوص مواصلة الإصلاحات الهيكلية، وتنزيل الاستراتيجيات الكبرى، أكد مضيان أن الحكومة أولت أهمية كبرى لتدبير مجموعة من القطاعات الحيوية وفي مقدمتها قطاع الماء لتعزيز الأمن المائي لبلادنا ، حيث وجب التأكيد ان بلادنا أضحت تعيش في ظل عجز مائي هيكلي مما سرع باتخاذ عدد من القرارات الشجاعة والمستعجلة في هذا المجال بتوجيه من الملك محمد السادس، وذلك من خلال اعتماد عدد من الاجراءات الخاصة بتدبير الموارد المائية لمواجهة التقلبات المناخية لتأمين التزويد بالماء الشروب ومياه السقي، وتنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، من خلال الرفع من غلافه المالي ب 143 مليار درهم بدل 115 عبر سياسة السدود الكبرى والمتوسطة والصغرى، حيث تمكن المغرب من الوصول إلى أكثر من 150 سدا كبيرا و 140 سدا صغيرا وفي افق بناء 17 سدا كبيرا جديدا فقلا عن انطلاق برنامج استراتيجي جديد اعطى انطلاقته جلالة الملك حفظه الله والذي يهدف الى الربط بين الاحواض المائية الكبرى بالمغرب، كما حصل مؤخرا بالنسبة للمشروع الضخم الطريق السيار المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق بتكلفة مالية قدرت ب 6 مليار درهم بغاية تحقيق صبيب يقدر بـ 15 متر مكعب في الثانية في زمن قياسي لم يتعد 8 أشهر.
وتوقف مضيان عند التكلفة الكبيرة لمنظومة الدعم المباشر للأسر المغربية، مشيرا أنها تتطلب تعبئة تركيبة مالية دقيقة بغية ضمان استدامة تمويل هذه الورش الملكي الاستراتيجي، والتي تقدر بأكثر من 40 مليار درهم، فإن اصلاح صندوق المقاصة الذي كان دائما مطلبا استقلاليا بل مجتمعيا، أصبح حقيقة واقعية بفصل جرأة هذه الحكومة وشجاعتها، حتى نحقق الاستهداف الامثل بالدعم العمومي فمن غير المعقول أن يستفيد الاغنياء وكبار الفلاحين وعدد من الصناعات من الدعم في المواد الاساسية في الوقت الذي كان من المفروض ان يكون موجها للفئات الهشة والمستحقة، لذلذ فإننا نعتبر أن هذا القرار يأتي ليصحح عدد من الاخطاء الماضية ولوجه الدعم لمستحقيه أخيرا.
وزاد قائلا:"إذا كانت الغاية من كل هذه الإصلاحات هي الطبقة الهشة والفقيرة من أجل تمكينها من الحد الأدنى للعيش بكرامة فإننا ننبه إلى ضرورة أن لايكون هذا على حساب المتوسطة التي نعتبرها صمام الأمان، والحلقة لضمان السلم والاستقرار الاجتمايين لذلك فإننا نتطلع إلى أن تتخذ الحكومة والبرلمان من خلال هذا المشروع كل التدابير اللازمة من أجل حماية ودعم الطبقة المتوسطة بل وتعزيزها كما دعا لذلك الملك محمد السادس من خلال استراتيجية الجيل الاخضر الذي حدد له جلالة المل غاية توسيع وخلق طبقة فلاحية متوسطة جديدة".
وفي إطار توطيد دعائم الدولة الاجتماعية، خاصة في مجال انعاش التشغيل، أكد مضيان على الاهمية القصوى التي تحمله مختلف التدابير الرامية الى تعزيز قاعدة الشغل وخاصة عبر إحداث 50034 ألف منصب مالي وهو أمر غير مسبوق في قوانين المالية السابقة، وكذا عبر مواصلة برنامج أوراش ومختلف البرامج النوعية الاخرى كبرنامج فرصة وانطلاقة وغيرها..
وأشار فيما يتعلق بالعالم القروي الذي ظل لسنوات يشكل الحلقة الضعيفة في تدبير السياسات العمومية، والتوزيع العادل للاعتمادات المالية، من أجل تنمية مندمجة ومستدامة بهذه المناطق، وقال في هذا الصدد:"نتطلع الى دينامية جديدة في تدبير صندوق التنمية القروية والجبلية، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي 2017-2023".