خالد أخازي: ما وراء الزلزال

خالد أخازي: ما وراء الزلزال خالد أخازي
كانت الطائرات العمودية تجوب السماء...
ترمي من الأعالي بالمؤونة والأدوية..
تجوب قمما وسبلا لا تصلها الآليات...
كانت الطوافات تهدر كالوحش تتوقف فوق القمم...فيفرح الأحياء...  يعم الأمل..
ويكبر الناس...ويهللون
 هي ترمي  الخيام قطعا قطاعا.. والأيادي تلوح
وحبال متدلية من الطوافات ينزل بها رجال أشداء... يلوحون للناس
 أطباء ببدل بيضا!... مهندسون... مختصون... مهندس ن... عمال حفر مهرة...
وكلاب...تتطلع للوصل للأرض ترنحا...
يآلله... طائرات خفيفة  تنزل الماء والأمل من السماء  تمضي لدوار آخر...
وترسل عبر مقويات الصوت تعليمات للناس... تزرع الأمل والتفاؤل...
لستم وحدكم...
طائرات كالوحش  تنزل آليات للحفر والنبش... وأجهزة متطورة تسبر الأغوار..
ثم فجأة ظهرت آليات ضخمة تجوب الجبال... لا توقفها الحجارة ولا المنعطفات....
آليات تكسر الحجر وتطوي الأرض طيا....
 أينما وصلت بناء على خرائط جوية...
نبعها الرجال الأشداء...
ثم فجأة ينزل من السماء رجال ونساء بالمظلات....
و تنصب في كل دوار هالك مستشفى ميداني، ومخازن للماء والطعام والدواء...
فيهلل الناس ويحمدون الله...
فلا القائد ولا رئيس الجماعة قادران على تدبر الكوارث..
إنه قضاء وقدر لا يواجه إلا بالاستعداد والعدة والإيمان...
هكذا تخيلت الأمر في بلدي قبل أن تقع الكارثة...
هكذا كنت مطمئنا أننا كما حفرنا جبلا من أجل الصغير ريان....
سنحفر الجبال ونأتي من السماء عددا وعدة من أجل أهلنا في الجبال....
لقد تبين لنا أننا لا نملك استراتيجية واضحة لمواجهة الكوارث...
كنا ننتظر....
 كنا نرتجل وما زلنا نرتجل....
صدقوني.... أننا حاليا نرتجل...
انتظر أخنوش تعليمات الملك...
تعليمات الملك تحتاج إلى رجال ونساء ليسوا من طينة أخنوش الذي كان خارج التغطية...
الزلزال قضاء إلاهي...
 لكن الموت بالإهمال فعل بسري يستوجب المساءلة
مات من مات تحت الردم... وعزلة الدواوير  عدم ربطها بتجهيزات وبالبنيات الصحية قتل أيضا...
مرت الساعات تلو الساعات...
والناس وحدهم تركوا لينبشوا  أحباهم بالأظافر والأيادي التي تقرحت...
ينتشلون الأحياء ليموتوا بعد ساعات لأن لا أحد وصل....
حتى الدفن أرادت جهات ما أن تعلن سلطتها فيه... فتعفنت الجثث أمام أعين الأطفال والأمهات والأزواج...
الزلزال قضاء وقدر رحم الله شهداء الردم...
لكن الإهمال التقاعس جريمة....
ألم يصل أخنوش إلى أعلى القمم بحافلات وسيارات الحملة الانتخابية...؟
أين مؤسسة جود التي وزعت ملايين القفف...؟
أين حواماتنا التي بإمكانها إمطار الدواوير بالمؤن والرجال و الخيام...؟
أين الآليات التي تهدم السكن العشوائي...؟
 أين لمواجهة الكوارث...؟