تأثير غريب لهذه الصورة الماخوذة بهاتف صديقي عبد اللطيف اشطيبي، رئيس المجلس الجماعي ادزوز بعزيب اولاد حليمة ميات.
علاقتي بالصبار علاقة خاصة، إنه رمز لفاكهة الفقراء والبسطاء، متاحة للجميع وفي متناول الجميع يكفي أن تصنع قراصة من القصب وخيط طويل. و تبدأ في عملية الجني ويستحسن ان يكون ذلك قبل شروق الشمس لفائدتين.
أولا: تفادي الإصابة بالشوك أو ما كنا نسميه بالجدام.
ثانيا: ان الكرموس يكون باردا.
هذه الفاكهة كانت مشاعة وشيوعية بين الناس منتشرة في كل مكان وعلى حافة كل الحقول والطرقات .
كانت تشكل وجبة غذائية عالية الفائدة مع كسرة خبز والقليل من الماء والكثير من القناعة.
وأنا صغير كنت دائما اطرح هذا السؤال، لماذا تسمى هذه الفاكهة بكرموس النصارى في مقابل كرموس المسلمين/ التين.
كنت أحاول اقناع نفسي أن المسلمين لا شوك فيهم، عكس النصاري الشبيهيين بفاكهتهم زعما مشوكين، لكن هذا الجواب لم يصمد كثيرا، كلما تقدمت في العمر واستبدلت منطق الفهم مما يقوله الناس إلى ما يفعلونه، فهمت أن النصارى هم أقل شوكا، وأكثر رحمة منا، في علاقتنا ببعضنا البعض!
أجد علاقة قوية بين الصبار والصبر والعالم القروي الجريح، علاقة مؤسسة على الصبر والتحمل، وأن لا أحد يريد معانقة الصبار خشية من أشواكه، كما لا أحد يريد معانقة القروي والتضامن معه في أحزانه.
الفلاح مثل الصبار لا أحد يرغب في معانقته، وهنا حجم الازمة نتركه يعيش محنته لوحده، وهي نفس المحنة التي عاشتها نبثة الصبار بسبب الحشرة القرمزية.
الصورة شكلت لي لحظة نوستالجيا خاصة، وحنين من أجل استعادة ذكرياتي الجميلة بمسقط راسي، حيث قبيلة اولاد بوكرين وأنا احمل قراصتي صباحا من أجل جمع سطل أو سطلين من كرموس الذي كان يشكل وجبة غذاء مجانية.
في كل مقالاتي اعتبر أن العولمة شر قاتل، وأن عدو العولمة هو من لا يستهلك أو من يستهلك مجانا، لذا تعمل الشركات الكبرى على ايجاد صيغة لتقليل من النوم من أجل رفع مدة الاستهلاك و بالتابي ارتفاع منسوب الارباح.
اطمئن إلى فرضية أن الحشرة القرمزية منتوج معولم من أجل تدمير كل ما يصنع سيادة غذائية بعيدا عما تنتجه العولمة وماكينات العولمة وضيعات العولمة.